أكد علماء وأثريون مصريون، أن مزاعم وزير الإعلام السوادني ” أحمد بلال ” بشأن تصريحاته حول أن ” فرعون ” موسى الذي ذكر في القرأن الكريم كان سودانيا، بأنها غير صحيحة، موضحين أن القصة كاملة جرت وقائعها على أرض مصر، ومثبتة بالأدلة في القرآن الكريم والإنجيل والتوراة، فضلا عما تؤكده الأدلة التاريخية بشأن مصرية فرعون.
وذكر العلماء المصريون أن تصريحات وزير الإعلام السوداني استندت إلى دراسات ضعيفة وربما لكتابات هواة لم يدرسوا التاريخ أو المنهج البحثي المعروف والمتبع في مثل الدراسات، وأضافوا أن البديهي أن فرعون الذي ادعى الألوهية ليس فخرا لأحد الانتساب إليه، لكنها حقائق التاريخ التي تؤكد مصريته.
وقال أحمد صالح مدير عام آثار أسوان إن التوراة حسمت تلك القصة وذكرت أن وقائعها جرت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وأن سيدنا موسى تزوج من ابنة شعيب وأقام في دار مدين التي سميت برعمسيس بالقرب من قنيطل محافظة الشرقية كما أن فرعون وهناك خلاف حول من هو فرعون الخروج وهل هو أحمس أم تحتمس أم أمنحتب أم حورمحب لكنه كان في الأساس يقيم على أرض مصر وفقا للتوراة ويتحدث عن بني إسرائيل الذين هم قوم موسى والذين عبروا اليم متجهين لسيناء وهو ما يعني أن الأشخاص مصريون والتفاصيل جرت على أرض مصر.
وأضاف أن كلمة فرعون اشتقت من الكلمة القبطية المصرية القديمة برعو وتحولت إلى فرعو في اللغة العبرية وأصبحت تقتصر على من يسكن القصر أو البيت الكبير، ثم أصبحت تطلق على الحاكم كلقب دون اسم مستدلا على ذلك بقوله إن فرعون الخروج عليه خلاف حول هويته حتى الآن لكن القرآن أطلق عليه لقب الفرعون كذلك التوراة والإنجيل.
الدكتور محمد عبد العاطي استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يؤكد أن القرآن ذكر تفاصيل القصة في عدة آيات بعدة سور منها القصص وطه والزخرف والبقرة وذكر اسم مصر واضحا ومحددا عندما قال على لسان فرعون “أليس لي ملك مصر؟ ” كما ذكر اسم سيناء والطور وهو ما يؤكد وبدلاله قاطعة أن فرعون المقصود في الآيه كان يتحدث وقتها وهو ملك لمصر ويقيم على أرض مصر وليس أرض أخرى.
القمص صليب متى ساويرس عضو المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس في مصر يؤكد أن الكتاب المقدس وتحديدا في سفر الخروج إصحاح 8 ذكر القصة بأنها جرت في مصر وعلى أرض مصرية فيقول النص “قال الرب لموسى ادخل إلى فرعون وقل له هكذا يقول الرب أطلق شعبي ليعبدوني. وإن كنت تأبى أن تطلقهم فها أنا أضرب جميع تخومك بالضفادع فيفيض النهر ضفادع. فتصعد وتدخل إلى بيتك وإلى مخدع فراشك وعلى سريرك وإلى بيوت عبيدك وعلى شعبك وإلى تنانيرك والى معاجنك. عليك وعلى شعبك وعبيدك تصعد الضفادع 5 فقال الرب لموسى قل لهرون مد يدك بعصاك على الانهار والسواقي والاجام واصعد الضفادع على ارض مصر. 6 فمد هرون يده على مياه مصر. فصعدت الضفادع وغطت أرض مصر. 7 وفعل كذلك العرافون بسحرهم وأصعدوا الضفادع على أرض مصر 8 فدعا فرعون موسى وهرون وقال صليا الى الرب ليرفع الضفادع عني وعن شعبي فأطلق الشعب ليذبحوا للرب.
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري أن ما ذكره وزير الإعلام السوداني أحمد بلال وله كل الاحترام والتقدير لا يستند إلى أدلة أثرية أو تاريخية أو دينية.
ويوضح ريحان أن الوزير السوداني ذكر أن فرعون المذكور فى القرآن الكريم كان سودانيًا مستندًا إلى ما ذكر في القرآن في سورة الزخرف آية 51 } ونَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ{وفسّر الأنهار بأن مصر تملك نهر واحد بينما السودان عدة أنهار يقصد عدة أفرع من النيل.
ويوضح الدكتور ريحان أن الرد على هذه النقطة بسيط وهو أن نهر النيل كانت له سبعة أفرع في مصر الفرع البيلوزي الذى كان يمر بسيناء والتانيتي والمنديسي والفاتنيتي ” فرع دمياط حالياً ” والسبنتيني والبلبتي والكانوبي ” فرع رشيد حاليًا ” وأن السبب في اختفاء خمسة أفرع من نهر النيل في الأزمنة القديمة يرجع إلى تصرف نهر النيل المنخفض وزيادة معدل الطمي ولهذا فما استند عليه غير صحيح تمامًا مما يدحض ما جاء به.
ويؤكد د. ريحان أن الحقائق الأثرية والتاريخية والدينية من خلال دراسته لرحلة خروج بنى إسرائيل بسيناء تؤكد أن نبي الله موسى تربى وعاش في مصر في بلاط أحد ملوكها؛ مضيفا أن حقائق القرآن والأدلة الأثرية تثبت أن نبي الله يوسف عاش فى مصر هو وأخوته ففي سورة يوسف آية 55} قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِن الْأَرْض{ وخزائن الأرض بمصر من معادن نفيسة وبترول وكل مصادر الطاقة والمياه الجوفية وغيرها وأول من اكتشفها الملك خوفو وكان عصره من أزهى عصور الدولة القديمة وقد وضع في قائمة عصور مصر الذهبية وأطلق عليه اسم العصر الفيروزي نسبة لمناجم الفيروز التي اكتشفها خوفو بسيناء وبنى إسرائيل هم أبناء نبي الله يعقوب حيث كلمة إسرائيل تعنى عبد الله وذكرت فى القرآن الكريم ” أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل ” مريم 58 كما ذكروا في القرآن باسم بنى إسرائيل نسبة إلى جدهم الأول نبي الله يعقوب وعاش بنى إسرائيل بمصر في أرض جوشن أو جاسان المعروفة الآن بوادى الطميلات وهو الوادى الزراعي الذى يمتد من شرق الزقازيق إلى غرب الإسماعيلية وجاء نبي الله موسى من نسل لاوى بن يعقوب أي ولد وتربى وعاش في مصر وخرج منها مرتين مرة وحيدّا إلى أرض مدين ومرة مع شعب بنى إسرائيل وبهذا ينفى تمامًا أن نبي الله موسى سودانيًا، بحسب العربية نت.
ويشير د. ريحان لعبور بنى إسرائيل البحر من مصر إلى سيناء فقد ذكر في القرآن الكريم “وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون” الشعراء 52 وذكر في التوراة ” أدار الله الشعب فى طريق برية سوف وصعد بنو إسرائيل متجهزين من مصر من أرض رع مسيس فارتحلوا منها إلى سكوت ثم ارتحلوا من سكوت ونزلوا في إيتام ” خروج 13: 14 و” بر رعمسيس ” هى المدينة التي اكتشفها العالم المصري محمود حمزة عام 1928 والذى بناها رمسيس الثاني لتكون عاصمة لملكة في مصر بوسط الوجه البحري ليكون قريبًا من الحدود المصرية لتساعده على صد الأعداء أما إيتام فهي برثوم التي بناها رمسيس الثاني كحصن واكتشفها العالم الفرنسي نافيل عام 1883 وموضعها تل الرطابية غرب بحيرة التمساح.
ويؤكد د. ريحان أن عيون موسى بسيناء هي محطة هامة في طريق خروج بنى إسرائيل من مصر وذكر في القرآن الكريم ” وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم ” البقرة 60 ، وذكر في التوراة ” ثم ارتحلوا إلى مارة ثم جاءوا إلى إيليم وكان هناك اثنتا عشر عين ماء وسبعون نخلة فنزلوا عند الماء ” خروج 15 ، سفر العدد إصحاح33.وبئر ” مر” موقعها حالياً شمال شرق عيون موسى بمقدار 11كم وماؤها غير صالح للشرب وتقع جنوب سفح جبل بهذا الاسم أما إيليم فموقعها منطقة عيون موسى الحالية ، ويتضح من هذا أن هناك 12 عين ماء تفجرت لبنى إسرائيل حين استبد بهم العطش بعد قطع مسافة كبيرة من موقع عبورهم عند رأس خليج السويس حتى موقع العيون الحالي 35كم وذلك بعد نفاذ كل المياه المحمولة من بداية الرحلة ، وكانت العيون بعدد أسباط بنى إسرائيل وكل سبط ينتمى لابن من أبناء نبي الله يعقوب وهم أخوة يوسف الصديق وعددهم 12 ، وكانت المياه متفرقة حتى لا يتكالبوا على المياه دفعة واحدة.
وطبقاً لخط سير الرحلة عبر جنوب سيناء كما يقول خبير الآثار فقد ارتحل بنى إسرائيل مع نبى الله موسى من عيون موسى إلى وادي غرندل وقد اتخذوا طريقاً بين ساحل خليج السويس وصحراء سيناء و قابلوا في طريقهم قوماً يعبدون أصنام فطلبوا من نبي الله موسى أن يجعل لهم إلهًا من هذه الأصنام ” وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون” (الأعراف(.
وقال إن المنطقة الوحيدة التي تحوى معبدًا مصريًا قديمًا بجنوب سيناء يحوى تماثيل هي منطقة سرابيت الخادم وهو جبل صغير مستطيل الشكل مسطح الرأس يقع على بعد 25كم قرب ميناء أبو زنيمة على خليج السويس والذى يبعد 138كم عن نفق أحمد حمدى والسبب فى هذه التسمية يرجع إلى لفظ (سربوت) المعروف عند أهل سيناء بالصخرة الكبيرة القائمة بنفسها وجمعها سرابيت ، أما أعمدة المعبد فهي على شكل تماثيل الخدم ذوى البشرة السوداء ولهذا أطلق عليه سرابيت الخادم.
وأضاف قائلا : كانت كل حملة تتجه لسيناء لتعدين الفيروز منذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرون تنقش أخبارها على هذه الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها الموجودة بالمعبد ويقع المعبد على قمة الجبل طوله 80م وعرضه 35م وقد كرّس لعبادة حتحور التى أطلق عليها فى النصوص المصرية القديمة (نبت مفكات) أي سيدة الفيروز كما يضم المعبد قاعة لعبادة سوبد الذى أطلق عليه (نب سشمت) أى رب سيناء وبالمعبد هيكلين محفورين في الصخر أحدهما خاص بالمعبودة حتحور وأقيم في عهد الملك سنفرو والآخر خاص بالمعبود سوبد ومدخل المعبد تكتنفه لوحتان أحداهما من عصر رمسيس الثانى والأخرى من عصر الملك ست نخت أول ملوك أسرة 20 ويلى المدخل صرح شيد في عصر تحتمس الثالث يؤدى لمجموعة من الأفنية المتعاقبة وتقيم بالمعبد من وقت لآخر مجموعة خاصة لتعدين الفيروز من سرابيت الخادم ومن منطقة المغارة القريبة منه وما زالت بها أماكن استخراج عروق الفيروز حتى الآن ولم يتعرضوا لبنى إسرائيل بأى أذى ربما لعدم معرفتهم بقصة خروجهم واعتقادهم أنهم مجرد مجموعة من أهل المنطقة ولم يحاول أحد منهم التحرش بالآخر.
ويرد الدكتور ريحان على وزير الإعلام السوداني بأن نهر النيل كان مكان عبور بنى إسرائيل بأن هذا الرأي قال به الكثيرون من قبل ولكن عبور النيل وغرق فرعون كان فى بحيرة البردويل في مصر وليس فى السودان كما ترجم علماء الفيلولوجيا وهو علم فلسفة اللغات كلمة ” يم سوف ” المذكورة في التوراة بأنها شاطئ البحر المتوسط ما بين بور سعيد والعريش حاليًا ويعللوا ذلك بأن قبضة الفراعنة كانت قوية بجنوب سيناء لاتخاذها موقعاً لتعدين الفيروز وأن أشجار الطرفاء بشمال سيناء متوفرة وهى شجرة تخرج منها مادة صمغية مثل المن طعام بنى إسرائيل.
ورغم ذلك كما يقول د. ريحان أن العبور لم يكن لنهر النيل من الأصل بل كان من بحيرة البردويل أو بحيرة “سربنيوس” وهي لها خصائص معينة حيث تربطها بالبحر المتوسط أفواه معينة وإذا سدت هذه الأفواه تبخر ماء البحيرة مخلفًا عدة برك موحلة تغطيها الرمال فتحجب ما حولها عن نظر المسافرين فيغوصون فيها أى تخدع المسافرين فيغرقوا في برك البحيرة ولكن نبي الله موسى عليه السلام وقومه رأوا بحرًا بالفعل وخشوا أن يعبروه ولم يخدوا برمال فوق المياه ” فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ” الشعراء 61 وتعنى البحر أمامنا وفرعون وقومه خلفنا فما هو السبيل؟ فرد نبى الله موسى ” قال كلا إن معي ربى سيهدين”.
ويؤكد د. ريحان أن عبور نبي الله موسى وغرق فرعون كان عند أقرب نقطة مرئية في خليج السويس وهى ما يطلق عليها حاليًا نقطة الشط أي كان العبور عند رأس البحر الأحمر الممثل فى خليج السويس وقد جاء النص القرآني في سورة البقرة آية 50 }وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون{ أي المعجزة كانت على مرأى أمام أعينكم.
ويدحض ريحان تمامًا ما ذكره الوزير السوداني من أن العبور كان عند منطقة البركل بالسودان بل أن البركل هو الجبل الذى كلم الله عنده نبي الله موسى وهذا لا يتوافق نهائيًا مع الحقائق الدينية والتاريخية حيث كان لنبى الله موسى رحلتين بنص القرآن الكريم رحلة أولى ليدربه سبحانه وتعالى على الطريق وهى الرحلة الذى ذهبها هاربًا حين قتل خباز الملك المصرى بطريق الخطأ وهرب إلى مدين وهناك تزوج صافوراء ابنة العبد الصالح شعيب وليس نبي الله شعيب وعاش بها عشر سنوات وحين عودته تمت المناجاة عند شجرة العليقة المقدسة ثم عاد إلى مصر ودار الحوار بينه وبين ملك مصر ومعجزة السحر حتى خرج مع شعبه سرًا ونجّى الله موسى عليه السلام وغرق فرعون.
وقال ريحان : بالتالي فإنه من المستحيل ان تكون منطقة البركل هى منطقة العبور وغرق فرعون وفى نفس الوقت منطقة المناجاة عند الشجرة المقدسة لأن المناجاة في الرحلة الأولى والغرق في الرحلة الثانية علاوة على وجود الشجرة المقدسة بسيناء حاليًا وهى شجرة لها سر خاص من نبات العليق الدائم الخضرة في كل فصول السنة علاوة على فشل محاولات إنباتها في أي بقعة بالعالم.
ويستخلص الخبير الأثري من هذا كله أن فرعون كان مصريا وقصته مع موسى وبني إسرائيل جرت على أرض مصر.