الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

لقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار ، أو الجدال كما يطلق عليه القرآن الكريم في وصفه للإنسان : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) الكهف ( 54) بل إن صفة الحوار ، أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت، إلى يوم الحساب كما يخبرنا القرآن الكريم في قوله تعالى: ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) سورة النحل 111

فللحوار أصولا متبعة ، وللحديث قواعد ينبغي مراعاتها لينجح المتحاور ـ بحول الله ـ في مسعاه ، ويحقق ما يرمي إليه . فمن آداب الحوار وأصوله ، إخلاص النية لله تعالى ، وفهم نفسية الطرف الآخر ، و حسن الخطاب وعدم استفزاز وازدراء الغير، كذلك ينبغي حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، والتراجع عن الخطأ والاعتراف به ، ويجب أن يكون الكلام في حدود الموضوع المطروح مع البعد عن اللجج ، ورفع الصوت ، والفحش والتنطع في الكلام ويجب التروي وعدم الاستعجال .

فإن الالتزام بهذه الآداب لها آثارٌ ايجابيّةٌ و ثمارٌ طيّبةٌ ، حيث ينتج عنه اتفاق المتحاورين و حصول الفائدة المرجوة من حوارهم ، و قد أمر الله سبحانه و تعالى نبيّه بالدّعوة بالحكمة و مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، مبيّنا نعمته سبحانه على نبيّه وكيف ألف الله به قلوب المؤمنين ولو كان فظاً غليظ القلب لانفضوا من حوله ، فالكلام الطّيب الحسن له بالغ الأثر في النّفس الإنسانيّة ، قال تعالى ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةٍ طيّبةٍ كشجرةٍ طيّبة أصلها ثابتٌ و فرعها في السّماء تؤتي أكلها كلّ حينٍ بإذن ربّها ) سورة إبراهيم 24.