إن الأعمال الصالحة جميعها تشفع أحيانًا للإنسان في الحياة الدنيا ،كما جاء في آيات وأحاديث كثيرة ،وتفرج عنه بعض مآسيه ومعاناته ،وتكشف عنه كرباته وآلامه ،مع العلم أن الله تعالى ليس بحاجة إلى أعمال الإنسان وطاعاته وعباداته ولكنها رحمته وفضله على عباده.

ومن هذه الكروب الهم:
وهو زيادة في التفكير المستمر بالأشياء ،سواء كانت كبيرة وعظيمة ،أو صغيرة وحقيرة ،وكذلك التفكير المستمر في كيفية حمل أثقال المستقبل ومسئولياته ،وهو داء نفسي يدخل إلى النفس من خلال وساوس الشيطان للإنسان ،ويعد الهم من الكروب التي يرزح تحت وطأتها الإنسان في فترات من حياته ،لاسيما إذا صرف عن دين الله وابتعد عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،فعندئذ يبتلي الله تعالى هذا الصنف من الناس بكربة الهم عقوبة لمعصية أو ابتلاء للرجوع إلى الله تعالى وإتباع نهجه ،وكان السبيل لتفريج كربة الهم هو أن يقدم الإنسان بين يدي الله تعالى عملاً صالحًا خالصًا له عز وجل ،أو يترك ما كان عليه من العصيان والتمرد ،ويرجع إلى الله بالتضرع والتوسل إليه ،وقراءة القرآن وكثرة الاستغفار ،لعل الله أن يزيل عنه همه وتعود إليه عافيته ،وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -شيئًا من علاج هذا الكرب ،فقال عليه الصلاة والسلام :«من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ،ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب ».

وقد علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام دعاء في لحظات الهم والحزن فقال :«ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن :اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ،ناصيتي بيدك ،ماض فيَّ حكمك ،عدل فيَّ قضاؤك ،أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،أن تجعل القرآن ربيع قلبي ،ونور صدري ،وجلاء حزني ،وذهاب همي ،إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحًا ».