أثبتت إحدي الدراسات العلمية ، أن ما يقارب 85% من حالات الطلاق هي حالات خاصة بالزواج المسمى “ الحب ما قبل الزواج ”، بخلاف التقليدي منه، والذي يعدُّ الأكثر استقراراً في مجتمعاتنا العربية.

وقال استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور عبدالرحمن مزهر إن حالات الطلاق الكبيرة تقع ما بين الزوجين اللذين كان تربطهما علاقة حب قبل أن يتزوجا، وهذه الحالات تعد الأعلى من حالات الطلاق الناتج عن الزواج التقليدي.

في الواقع، هناك إشباع من الكلام في الحب، وإظهار أجمل ما لدى الشاب والفتاة قبل ارتباطهما، وهو ما يجعل أحدهما يصطدم بالآخر عندما يعيشان في منزل واحد، ويبدآن في رحلة اكتشاف حقائق لم يرغبا بمعرفتها ولا رؤيتها قاصدين “التعامي” عن أية سلبيات، مكتفين بالنظر إلى الجانب الإيجابي لكل منهما بعين المحبّ والمعجب.

وبيّن أبو عدس أن فشل هذا النوع من الزواج متعلق بأسباب اجتماعية ونفسية، ومنها متعلق بالظروف الداخلية أو ما يسمى بـ “ الديناميكية الأسرية الموجودة بين الزوجين ” .

في الحقيقة، هناك سبب أول “ شخصي ” يؤدي إلى فشل الحياة بين الزوجين، يتعلق باضطراب الشخصية عند أحد الزوجين أو كلاهما، فإذا نظر أحدهما للآخر من جانب عاطفي وإيجابي دون دراسة دواخله والبحث في معالم شخصيته وفهمها، ولم يخلق أي نوع من التفاهم والدروس المشتركة للطرفين بهدف فهم كل طرف، هذه السمات قد تؤدي إلى فشل الحياة الزوجية، بحسب أبو عدس.

وعن هذه الشخصيات الهادمة للعلاقة الزوجية، بيّن أبو عدس أن هناك شخصيات متعددة تلعب دوراً كبيراً في فشلها، من أكثرها شيوعاً، شخصيات البارانويا، أو الشخصية الشكّيّة، أو الغيورة والمتعالية، بمسمياتها العديدة، والمتّسمة بديمومة الشك في الطرف الآخر عند أي موقف، والأخرى هي الشخصيات النرجسية، المتمركزة حول ذاتها، وتتسم بالأنانية، ساعية إلى النجومية والتألق على حساب الطرف الآخر، ويمكن القول: “حب ما قبل الزواج كان حالة من التملك للطرف الآخر أكثر من كونها حب حقيقي”، وأما النوع الآخر فهو شخصيات السايكوباتية، المخادعة والساحرة، معسولة الكلام، لا تلتزم بالعهود ولا المواثيق المتعلقة بالزواج والحب، بينما الرابعة تتمثل بالشخصية الهستيرية أو الاستعراضية والزائفة والسطحية، القادرة على لفت انتباه الآخرين بكلام الحب والعاطفة ما قبل الزواج، يليها الشخصية الوسواسية، والحريصة بشدة، والعنيدة والبطيئة، والتي تتسم بالبخل في العاطفة والمال ما بعد الزواج، وآخرها الشخصية الحدّيّة، شديدة التقلب في الآراء والعلاقات والمشاعر، فالحب ما قبل الزواج يتلاشى بعده.

كما أن عدم التوافق بين الطرفين بعد الزواج، والقصور في فهم النفس الأخرى، وفهم الغاية المطلقة من إقامة العلاقة الزوجية، والمنتجات المطلوبة من إقامتها، هذه كلها أسباب شخصية تؤثر في فشل العلاقة بين الطرفين، على حد تعبير أبو عدس.

وعن الأسباب العاطفية، وهي السبب الثاني في فشل الزواج، أشار أبو عدس إلى أن لها دور لا يمكن تجاهله، فغياب الحب ما بعد الزواج، والذي يعد شهادة ضمان لاستمرار الحياة الزوجية، إضافة إلى الغيرة المفرطة، وعدم تقبّل طرف من التواصل مع الأطراف الأخرى، والرغبة في التملك من جهة، بينما تميل الزوجة إلى احتواء زوجها في الوقت الذي يرغب فيه ببناء معارف عامة، كلها تؤدي في نهاية المطاف إلى الطلاق.

أما السبب الثالث المؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية، هو السبب العائلي؛ فالتدخل المفرط بين الزوجين والذي كان مبهماً قبل الزواج، يؤدي إلى الصراعات بينهما، إضافة إلى السبب النفسي الأكثر شيوعاً، أو ما يسمى “تأخر الفطام العائلي” بمعنى أن لا يُفطم أي من الزوج أو الزوجة من قبل عائلته، بحيث لا يُربى على أنه مسؤول عن إدارة حياة والتزامات جديدة.

والسبب الهام جداً للفشل، يوضح أبو عدس، يتعلق باضطراب الحياة الجنسية، وفقر التربية الجنسية ما بين الطرفين، والإسراع في الزواج خوفاً من خسارة طرف للطرف الآخر، عوامل مسببة لانفصالهما بعد أن يرتبطا.

كما أرجع أبو عدس الفشل في العلاقة إلى الجهل في فهم وإدراك قدسية الحياة الزوجية، وسوء استغلال مفهوم قوامة الرجل، وتلاشي المودة والرحمة بينهما، وعدم وضوح دور الرجل والمرأة في حياتهما، وعدم وجود دستور واضح ينظم علاقتهما، والأسباب الاقتصادية والسعي وراء لقمة العيش الذي يتبعه عدم تفرغ الرجل لزوجته وبيته.

ونصح أبو عدس الأطراف الخارجية أن تتدخل لإنقاذ حياة الزوجين باكراً، بدلاً من السعي في خرابها، إضافة إلى تعليم الزوجين كيفية تجاوز صعوبات الحياة اليومية، ومهارات حل الصراعات، وتنمية العاطفية، وترشيد لغة الخلاف بينهما، والكفّ عن انتقاداتهما.