يعد اللبناني فؤاد بن أمين بن علي حمزة، وكنيته (أبو سامر) الذي نشرت دارة الملك عبدالعزيز أخيراً شيئاً من مذكراته ووثائقه في مجلدين يقارب عدد صفحاتهما الـ 800 صفحة، أحد الشخصيات العربية الفاعلة سياسياً وثقافياً في التاريخ السعودي الحديث ويعد من ضمن هؤلاء الذين استقطبهم الملك عبدالعزيز للعمل في المملكة .

ولد فؤاد عام 1899م/‏1317هـ في قرية من قرى قضاء عالية في جبل لبنان اسمها (عبية) وتلقى فؤاد حمزة تعليمه الأساسي في مدرسة القرية، وبعدها انتقل إلى دار المعلمين العثمانية في بيروت؛ إذ نال شهادتها بامتياز، ويظهر أنه التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ولكنه لم يكمل دراسته فيها وجمع بين السياسة والثقافة والإدارة والقانون في قالب واحد بالإضافة لإجادته لغات عدة (الإنجليزية والفرنسية والتركية) ساعده على توسيع مداركه وزيادة معارفه.

وعن مراحل عمله ” فبدأ عمل في مهنة التدريس أثناء الحكم العثماني، وعيّن مديراً للمدرسة النموذجية في طرابلس الشام، ثم أنه بسبب مضايقة الاستعمار الفرنسي رحل إلى سورية عام (1919م) التي كانت تحت مظلة الحكم العربي آنذاك فعمل في التدريس ثم عيّن مفتشاً للمعارف في دمشق، وما لبث حتى انتقل إلى فلسطين بسبب سقوط الحكم العربي واستيلاء الفرنسيين على سورية عام (1920م)، وهناك عمل في التعليم في أماكن عدة آخرها مدرساً في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس، فيما كان يواصل دراسة الحقوق التي نال إجازتها في عام 1926م.وفق عكاظ

وكان فؤاد أثناء نواجدة فى فلسطين على اتصال بالثورة السورية الكبرى التي قامت بقيادة سلطان الأطرش في عام 1925م فما علم إلا وقد جاءه نذير في أحد الأيام يشعره بعزم سلطات الانتداب البريطاني بالقبض عليه فغادر القدس على عجل إلى القاهرة وظل فيها حتى جاءه الفرج ببرقية تطلبه إلى الحجاز للعمل في دولة الملك عبدالعزيز آل سعود المستقلة.

وتؤكد الوثائق أن أول وظيفة شغلها فؤاد حمزة هي (معاون مدير الشؤون الخارجية) في مكة المكرمة وكان مديرها عبدالله الدملوجي وكان تعيينه فيها بتاريخ 3 رجب 1345هـ أي بعد وصوله إلى المملكة بنحو أسبوعين فقط واستمر في عمله معاوناً لمدير الشؤون الخارجية حتى استقالة الدملوجي في سنة 1347هـ/‏ 1928م فصدر أمر الملك عبدالعزيز بتعيينه مديراً للخارجية وقد استمر في منصبه حتى صدور الأمر السامي بتحويل مديرية الشؤون الخارجية إلى وزارة الخارجية لتصبح بذلك أول وزارة في تاريخ الدولة وقد أسند منصب الوزارة إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز حين كان أميرا، وعيّن فؤاد حمزة وكيلاً للوزارة اعتباراً من يوم الثلاثاء الموافق 26 رجب 1349هـ/‏1930م وقد استمر وكيلاً لوزارة لخارجية نحو تسع سنوات حتى عام 1358هـ/‏1939م عندما صدر الأمر الملكي بتأسيس مفوضية للمملكة في باريس وتعيين فؤاد حمزة فيها بصفته مندوباً فوق العادة ووزيراً مفوضاً، وقد قضى في أوروبا أكثر من ثلاث سنوات كان خلالها شاهد عيان على أوضاعها خلال الحرب العالمية الثانية، حتى صدر الأمر بتعيينه وزيراً مفوضاً ومندوباً فوق العادة لدى جمهورية تركيا في عام 1362هـ /‏ 1943م.

وقد قال الملك عبدالعزيز لفؤاد حمزة بعد عودته وتصوره أن الملك كان من الممكن أن يتركه عالقاً في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية: «والله وبالله إننا لا نهملك إن شاء الله وإن قضي عليك لا نهمل أولادك وسنوصي أولادنا وعيالنا أن لا ينسوا أولادك وعيالك».

وفي 6 جمادى الأولى 1366هـ /‏ 28 مارس 1947م صدر مرسوم ملكي بأنه بناء على أهمية المشاريع الإنشائية والعمرانية التي تقرر إنفاذها لمصلحة البلاد فقد تم تعيين معالي فؤاد بك حمزة وزير دولة وانتدابه في وزارة المالية للأعمال الإنشائية والعمرانية وشركات الاستثمار.

وشغل فؤاد أثناء عمله عضوية عدد من المجالس واللجان السياسية والإدارية منها: لجنة التفتيش والإصلاح 1346هـ، ولجنة سن الأنظمة 1346هـ، واللجنة التنفيذية لمعاونة النائب العام 1347هـ، واللجنة الدائمة بديوان الملك عبدالعزيز 1349هـ، ومجلس الوكلاء عام 1350هـ.

ومن أبرز المهمات السياسية التي اضطلع بها إضافة إلى كونه من مستشاري الملك عبدالعزيز في شؤون الدولة: اشتراكه في الوفد السعودي لإجراء المباحثات الرسمية التمهيدية مع الحكومة العراقية التي عقدت في الكويت 1348هـ/‏1930م وحضوره اجتماع الملك عبدالعزيز مع الملك فيصل ملك العراق في مياه الخليج على ظهر السفينة لوبن، ومرافقته للملك فيصل بن عبدالعزيز حين كان أميرا في رحلته الرسمية إلى أوروبا 1350هـ/‏ 1932م، وتمثيله الحكومة السعودية في المفاوضات مع إمارة شرق الأردن المعقودة بالقدس والتوقيع على معاهدة الصداقة وحسن الجوار 1352هـ/‏ 1933م، ورئاسته للوفد السعودي في مؤتمر أبها 1352هـ/‏ 1934م بين الحكومتين السعودية واليمنية،وغيرها