كشف العلم عن رابط وثيق ما بين معدل الذكاء وما بين الرغبة في الانعزال عن الآخرين لبعض الوقت ،فلا يوجد شيء خاطئ على الإطلاق في الرغبة  بقضاء الوقت منفردًا، ولعلّك من أولئك الذين يفضّلون قضاء أوقاتهم بمفردهم في المنزل بدلًا من المشاركة في تلك المناسبات الاجتماعية الصاخبة.

الدراسة

نشر باحثون مؤخرًا في مجلة “علم النفس البريطانية”، بحوثًا اهتمت بدراسة الرابط ما بين ذكاء الأشخاص وما بين الكثافة السكانية والعلاقات التي تربطهم بمجتمعهم، وعلى عكس ما كانت تظهر النتائج التقليدية من أنّ الأشخاص الاجتماعيين هم أكثر سعادة وذكاءً، أثبتت هذه الدراسة الأخيرة أن العكس صحيح.

الذين يملكون معدل ذكاء أعلى أقلّ اجتماعية

أُجري استطلاع على ما يقارب 15000 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 28 سنة، ووجد الباحثون أمرًا مثيرًا للاهتمام في نتائج الاستطلاع، الاشخاص الذين يتمتعون بمستوى IQ عالٍ، هم في الغالب أقلّ اهتمامًا بالنشاطات الاجتماعية، بما في ذلك مجرّد التسكّع مع الأصدقاء.

ويقول كلّ من “ساتوشي كانزاكي” و”نورمان لي”، وهما الباحثان اللذان أجريا الدراسة: إنّ الأشخاص الذين يحصلون على نتائج متدنية نوعًا ما في اختبارات الـ IQ يشاركون في نشاطات اجتماعية أكثر من غيرهم.

أسباب قضاء الأذكياء الوقت بمفردهم

يميل الأشخاص الذين يتمتعون بنسب ذكاء عالية، إلى قضاء وقت أقلّ في بناء العلاقات الاجتماعية، ويركّزون بدلًا من ذلك على تحقيق أهداف طويلة الأمد. بمعنى آخر، الانخراط في العلاقات الاجتماعية، يشتّت انتباهم عن أعمالهم المهمّة أو يقطع تدفق تركيزهم عن المشروع الذي يعملون عليه.

الأمر مشابه للكاتب الذي ينعزل عن الآخرين لإتمام روايته، أو الطبيب الذي ينعزل عن المجتمع لإكمال بحثه حول علاج السرطان.

بالتالي، فإن قطع مثل هؤلاء الأشخاص عن أعمالهم من أجل حضور مناسبة اجتماعية أو لقاء أصدقاء، قد يشعرهم بعدم الرضا ويجعلهم أقلّ سعادة.

تطوّر في طريقة التفكير

يقول العلماء الذين أجروا هذه الدراسة: إنّ تركيبة أدمغتنا الحديثة لا تختلف كثيرًا عن أسلافنا من سكّان الكهوف وصيّادي الحيوانات.. في ذلك الوقت كانت القبائل الصغيرة تسعى دائمًا للبقاء قريبة من بعضها بعضًا من أجل تحقيق الأمان والسعادة للجميع.. والأمر مشابه لما يعتقده الكثيرون من ضرورة الحفاظ على دائرة اجتماعية جيدة من حولنا.

لكن الأشخاص الذين يتمتعون بنسب ذكاء عالية، يجدون أنفسهم قادرين على مواجهة التحديات الحديثة بمفردهم والتكيف بشكل أفضل بأنفسهم دون الحاجة للبقاء مع الجماعة، إنهم في غالب الأحيان يسعون لترك تلك المفاهيم الراسخة عن الاختلاط لتحقيق السعادة، ويمضون قدمًا في تطوير نظريات ومفاهيم جديدة تواكب الفكر الحديث.

ومع ذلك، فهذا لا يعني أنّ الأشخاص الأذكياء لا يستمتعون بالاختلاط مع الآخرين، كلّ ما في الأمر أنهم يفضلون قضاء وقت أطول مع أنفسهم، من أجل التركيز على مشاريعهم وأفكارهم.

وفي النهاية، هنالك طرق عدّة لإيجاد السعادة وتحقيقها، وتختلف هذه الطرق باختلاف الأشخاص.