تنهي وزارة التجارة والاستثمار، قبل نهاية مارس المقبل، تعديل لائحة نظام غسل الأموال، الذي يحتوي على 32 مادة ثلثها يتعلق بالتدابير الوقائية من تهمة غسل الأموال، من المادة الخامسة وحتى الـ12، فيما تعد أبرز التعديلات في اللائحة هو البلاغ النقدي الذي يجب معه تبليغ الجهات الرسمية حول الاشتباه بالمشتري.
وسجلت دراسة ميدانية أجرتها وزارة التجارة والاستثمار خلال الأعوام الخمسة الماضية وجود نحو 7500 محل للذهب والمجوهرات حول المملكة، وفق عدد التراخيص المستخرجة، عن تسجيل تلك المحال نحو 120 مليون عملية في السنة الواحدة، ما بين بيع وشراء، أي بمتوسط 100 مليون عملية في السنة خلال السنوات الخمس الماضية، كان يرد منها نحو 50 حالة اشتباه في السنوات الأولى، ثم انخفض الرقم ليصل إلى 20 حالة اشتباه فقط حاليا، ما يعد رقما قليلا مقارنة بحجم العمليات.

وأرجعت الدراسة أسباب هذا التدني في أعداد البلاغات إلى أن بعضها يذهب إلى الجهات الخاطئة لمباشرة تلك الحالات، إذ يستسهل البائعون تبليغ الشرطة بدلا من إدارة التحريات المالية ومكافحة غسيل الأموال في وزارة الداخلية، حيث إنها المعنية بتلك البلاغات ومباشرة الحالات، علاوة على صعوبة إجراء التبليغ الذي يقتصر على وسيلتي الهاتف والفاكس، وهي أرقام طويلة وغير مختصرة، وعدم وجود برامج إلكترونية ذكية تسهل عملية التبليغ بكل سهولة وسرية، إضافة للصعوبات والتعقيدات التي تواجه البائع وصاحب المحل بعد التعاون بالتبليغ تتعدى الاستدعاءات المتكررة لأكثر من مرة في قسم الشرطة إلى إغلاق المحل في بعض الحالات.

وأوضح مصدر، أن أبرز التعديلات في اللائحة هي تعديل البلاغ النقدي الذي يجب معه تبليغ الجهات الرسمية حول الاشتباه بالمشتري، إذ تحدد اللائحة المعمول بها حاليا مبلغ 20 ألف ريال وما فوق نقدا، لتصبح 50 ألفا إضافة لاستحداث عقوبات إدارية بجانب العقوبات المالية للمتهاونين في عملية التبليغ تبدأ بالتحذير والإنذار في حال المخالفة، ثم إغلاق المحل في حال تكرار المخالفة، بعدها تطبيق العقوبة الجنائية وهي الغرامة المالية والحبس، بحسب الاقتصادية.

إذ يعتبر حمل المشتري مبلغ 20 ألف ريال كاش أحد دلالات الاشتباه، علاوة على رفض المشتري إبراز إثباته الشخصي، ورفض الكشف عن مصدرها، وعلامات أخرى تتعلق بهيأة المشتري وملامحه وعلامات الخوف والتردد، وحث المصدر البائعين على تبليغ الجهات المختصة بمكافحة جرائم غسل الأموال بالأمن العام بوزارة الداخلية، بعد إتمام البيعة والحصول على الإثبات الشخصي للمشتري، وإلا سيعتبرون من المشاركين في عملية غسل الأموال.

وتنص العقوبات على المتهاونين من تجار الذهب في الحصول على هويات عملائهم بالسجن سنتين وغرامة مالية تقدر بنحو 500 ألف ريال، وفق المادة 20 من نظام غسل الأموال، أما المشاركون في العملية فتصل عقوباتهم للسجن خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال.

وأشار المصدر أن مبلغ 20 ألف ريال يعتبر أقل من المبالغ المحددة عالميا، إذ حددت أنظمة مكافحة الإرهاب حول العالم “فاتف”، مبلغ 10 آلاف يورو و15 ألف دولار مبلغا للاشتباه بحامليه، خصوصا إذا كان يحمله المشتري في يديه ولم يدفعه عن طريق الفيزا أو البطاقات المصرفية لبائعي الذهب والعقارات.

وشدد على ضرورة إسراع المستثمرين في قطاع الذهب والمجوهرات بعمل التعديلات على إجراءات البيع والشراء من قبل الإدارات العليا في تلك الشركات المحلية لمعرفة الشخصيات المشتبه فيها سواء من الشخصيات العادية أو الشخصيات الدبلوماسية والمعرضون سياسيا، وعدم البيع لهم مباشرة قبل الرجوع للإدارة العليا بالشركات لإتمام عملية الشراء، كما شدد على ضرورة متابعة القائمة التي تدرج فيها الأمم المتحدة أسماء المشتبه بهم في جرائم الإرهاب وغسل الأموال من داخل المملكة والبلدان المجاورة.

ولفت إلى أن الوزارة تستهدف حاليا نشر التوعية بين العاملين في قطاعات محددة هي قطاع العقار والذهب والمعادن النفيسة والأحجار الكريمة وكذلك قطاع المحاسبة للتوعية بالرفع بحالات الاشتباه بجريمة غسل الأموال، وذلك ليس لكون التجار والعاملين في القطاع غاسلين للأموال بل المقصود من التوعية هو قطع الطريق أمام الغاسلين الذين يستغلون قطاع الذهب والعقار لغسل أموالهم القذرة وتسهيل خروجها خارج المملكة ونقلها بين البلدان المختلفة.