رسالة عظيمة، ومهمة جسيمة، يتصدى لها المعلم والمعلمة في عصر أصبح التعري حرية وقلة الأدب غريزة، لقد أضحى النادر هو(الأدب)، والشاذ هو (الأخلاق)، انقلاب مفاهيم، وانفلات قيم جعلا الناصح(حشريا)وولي الأمر(عنتريا)
وإن الحال أشبه بواحة جميلة عتا عليها الرمل بكثبان سترت أزهارها ونتفت ريش أطيارها، وأتت على جاري ينابيعها، فغدت خبرا بعد أثر، وما دفعني لهذا هو ما أراه وأسمعه في ميدان التعليم والذي أخذت نواميسه في العودة كالعرجون القديم، معوجة الضوء والساق، وسأسوق مثلا ولله المثل الأعلى ومن الواقع لمعلم ومعلمة شاء الله أن يجمع بينهما النصيب زوج وزوجة، وبارك لهما الأهل والأقارب وانتقلا لعشهما وسط نظرات الحسد والغيرة التي دفعت البعض للقول تصريحا لا تلميحا:(ياأخي أنا أكره المعلمين…رواتبهم كذا..وإجازاتهم كذا…إلخ)، وبدأبطلانا حياتهما (الجمعة) وناما (السبت)، وصحيا على واقعهما(الأحد)، ومع أذان الفجر دارت حياتهما كما يلي؛
حمدان:هيا ياحياتي صلي والبسي فالسائق سيصل بعد ربع ساعة(دوام سلوى رأس جبل…)
سلوى:الله ياعمري لو نأخذإجازة اليوم وغدا ثم نبدأ العمل بعد الغد!!
حمدان:لا يابعد عمر مغليك، رسالتنا عظيمة، والمنهج والطلاب أمانة في أعناقنا، ويجب ألا نتخاذل بتاتا.
سلوى:تتلوى في الفراش ثم تقوم.
حمدان:يخرج إلى المسجد للصلاة، ثم يعود، يقول لسلوى:الحمدلله أنت الآن جاهزة، والسائق بانتظارك في الحوش، والله سأشتاق إليك وسأظل أحلم حتى نلتقي.
سلوى:سأحاول العودة مبكرا لأعد لك أول وجبة غداء ياحبي.
حمدان:وأنا لن أفطر في المدرسةبانتظار الغداء من أحلى يدين، ثم يقبلها مودعاً، فيما يغادرلمدرسته.
حمدان:صباح الخير ياحضرة القائد، ويا أعز الزملاء، الكل يرد:صباحية مباركة ياعريس.
حمدان:ياسعادة القائد، ماذا في الورقة التي دفعتها إلي مطوية!!
القائد:اليوم إشرافك ياحمدان، فقدغيرناالجدول وآسف لإحراجك.
حمدان:ولايهمك سأشرف ولن أفطر لأني موعود بالغداء من يدي نور العين.
الكل:هنيئا ياسيدي.
يخرج حمدان، ومن حصة لأخرى في انتظار في إشراف، وبعد صلاة الظهر يجر حمدان قدميه جرا إلى سيارته ويقف أمامها لا يكاد يراها من شدة التعب، وطبعا في يوم دراسي شاق كالعادة نسيت القول:
إنه مسح دموع حسام في(١ب)وأصلح زرارعلي في(٣ب)وأعطى فسحة لهملان في(١م)وعالج جرح حسين في(٣م).
وكما لقي حمدان لقيت سلوى بل وزادت عليه:

فأعدت وجبة فطور لطالبات صفها(٥ب)وغسلت وجه حنان في(٤ب)ومشطت شعر هنادي في(٢ب)وخيطت ثوب بهزة في(٦ب)وخرجت بدورها إلى سائقهاوهي تعتصر جوعا وتعبا، وحدث أن التقت مع حمدان حوش منزلهما، وأول ما رأته غطت وجهها فقد نسيت من تعبها أنها زوجته، وقام حمدان بدوره بالإشاحة بوجهه لولا أنه تذكر عطرها فأعاد النظر إليها قائلا:
سلوى …سلوى فأجابته:وجع ماذا تريد؟
حمدان:أنا حمدان زوجك!
سلوى:تصدق أنني نسيت ..هيا افتح الباب….
وسأكمل القصة لاحقا أيها الأحباب، وحتى حينها أرجو أن تتوقعوا باقي الأحداث وفق ما ترون.