قرأت قبل فترة دراسة اجتماعية عن أن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يزيد نسبة الخلافات الزوجية، ويجعلها تتطور إلى انفصال الزوجين وطلب أحدهم الطلاق، لأن الطرف الآخر قد يكون مدمن لتلك المواقع. وأوضحت الدارسة أيضا أن ذلك أصبح مشهدا مألوفا،عرف طريقه إلى أروقة المحاكم، من خلال قضايا تحوي ملفاتها الكثير من الأوراق، التي تشير إلى تفاصيل أكثرها غريب، وجديد على مجتمعاتنا العربية.

ما جعلني اقوم بذكر تلك الدارسة ما طالعتنا به الصحف قبل أيام من طلاق زوجين في أحد المطاعم ، بسبب انشغال الزوجة بتصوير الوجبات عبر برنامج ” السناب شات” حيث بدأت الزوجة بتصوير أصناف الوجبات وتحرك الوجبات والصحون يمينًا وشمالًا.

الامر الذي اغضب الزوج ودخل معها في نقاش أنتهى بالطلاق والانفصال .
والواضح من هذه القصة وغيرها من القصص التي تطالعنا بها الصحف في كل يوم أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تأخذ قدرا كبيرا من حياتنا، ومن ثم تؤثر بشكل سلبي على حالتنا الاجتماعية والاسرية.

فهذه الوسائل الحديثة فتحت النوافذ وشرّعت الأبواب، وأوجدت جرأة في تناول المواضيع والدخول بالعمق داخل الأسرة وربما أوجدت حالات من العزلة والجلوس الطويل خلف تلك الأجهزة مما يترتب عليه حدوث خللاً كبيراً في العلاقة , إذ تغيّب محاور الجذب بين أفراد العائلة مما يؤدى إلى “خراب” المنازل وزيادة حالات الطلاق سواء كان طلاقا فعليا أو طلاقا صامتا ، بفعل ما أحدثته هذه التقنية من اختلاء الزوج أو الزوجة بنفسيهما بعيداً عن الواقع، والتعايش مع الأجهزة بشكل يكاد يكون متواصلاً، خاصةً إذا وجد الفراغ الحقيقي أو النفسي الذي يُعد المسبب الرئيسي في الذهاب الى تلك المواقع .

ولا نشك ان لمواقع التواصل الاجتماعي أثرًا إيجابيًّا بشكل عام ، إذا أحسن استخدامها، أما إذا أسيء الاستخدام فإنه يؤدي إلى مشكلات اجتماعية كبيرة جدًّا، وتحديدًا بين الأزواج , بالرجوع الى ما كشفته بيانات إحصائية صادرة من وزارة العدل أن إجمالي صكوك الطلاق بين السعوديين الصادرة من مختلف محاكم المملكة خلال العام 1436هـ بـ ( 40.394) حالة طلاق, ولا شك أن للتقنية الحديثة من إنترنت وأجهزة ذكية ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي وغرف المحادثة وغيرها، لها دور كبير في تنامي حالة الشك والاتهام والريبة والغيرة بين الزوجين، مما جعل الطلاق في كثير من الأحيان، أحد الحلول التي يُقدم عليها أحد الطرفين.

وهنا لابد من توجيه الأسرة عبر برامج توعوية موجهة ومنظمة وتحت مظلة جهات تملك القدرة على إيصال المعلومة بشكل صحيح وواعي مع مشاركة كل مؤسسات المجتمع سواء كانت وسائل إعلام أو المسجد أو المدرسة او برامج الجمعيات الخيرية في هذه الحملات التوعوية التي تهدف الى ضرورة عودة الأسرة إلي وضعها الطبيعي وتقنين الدخول على تلك المواقع والاهتمام بالحوار داخل الاسرة , ومشاركة جميع أفراد الأسرة وخاصة الأزواج بعض الاهتمامات بينهما، ودخولهما إلى مواقع وبرامج مفيدة للطرفين , وتجاهل كل ما من شأنه هدم ترابط الأسرة. والحرص على الخروج والتنزه سويا، وتخصص يوم كامل دون استخدام السوشيال ميديا فضلا عن الاستعانة بالهوايات كالقراءة أو الرياضة ، والحرص على حماية الوقت من الضياع دون فائدة.

كما يجب أن نتعلم فن إدارة الأزمات خاصةً في الحياة الزوجية وتعامل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام مع الحدث الذي مر بحياته الزوجية وكيف عالجه بكل حكمة وهدوء .