الكلمة هي الوثيقة الآدمية لكل البشر ، وهي أبر صديق للانسان وهي أمانة وجود الإنسان ، وهي مثيرة قضايا الانسانية ، وقضايا الوطن ، وقضايا الحياة في الماضي والحاضر والمستقبل وفي ما بعد الحياة. والرجل من زمان فات كلمة .. والبيع والشراء كلمة ، والمعاملة كلمة فيها الأخذ الأمين وفيها الرد الصادق.

وحل عقدة اللسان كان في الحق شد أزر والكلمة الفصيحة قوة .. وفقه وفصاحة الكلمة شأن عظيم معظم كما جاء في قصة سيدنا موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون: “وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)” سورة القصص ، ” قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً (35)” سورة طه.

ومع كلمة التوحيد الخالصة من كل شرك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد دوت أصداء النصر والفتح في ربوع الأرض لكلمة “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)” سورة الاخلاص ، وبشرت بدخول المستقبل كله في طاعته سبحانه وتعالى واعلاء شأن الكلمة الطيبة للانسان وعظمة الانسان الذي حمل الأمانة كاملة غير منقوصة.

والكلمة هي رمز العلم والمعرفة والابداع وهي الوعي الحقيقي بالوجود ، والتعبير الصادق عنه وعن غوامضه وكل ما فيه. وفي العهد الجديد حيث “في البدء كانت الكلمة” ، ويقول القرآن الكريم “وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا” سورة البقرة ، وأمر الله في كل شأن كلمة “بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)” سورة البقرة ، “اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)” سورة آل عمران ، “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ (73) سورة الأنعام ، “إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)” سورة النحل ، “مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)” سورة مريم ، “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” سورة يس ، “هُوَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)” سورة غافر ، وتصور هذه الدنيا خالية من الكلمة والفكر الصادق الطيب؟!!