يعد المخترع البريطاني توني بوزان المتخصص في علم النفس أحد أشهر المهتمين بمجال الذاكرة, والشهير باسم أستاذ الذاكرة, فهو يحمل سجلاً حافلاً بالأعمال البارزة في حقل الذاكرة جعلته أحد أهم المستشارين في مجال التربية والتعليم وتطوير الذات.

وتعود شهرته لاختراعه البارز المعروف بالخرائط الذهنية (Mind Map) وهذه الخرائط شكلت أكبر الثورات العلمية الرائدة في هذا المجال.

والخريطة الذهنية هي وسيلة حديثة وأسلوب مبتكر نعبر من خلالها عن أفكارنا عبر مخطط نقوم برسمه باستخدام الكتابة والصور والرموز والألوان عوضاً عن الاقتصار على الكلمات فقط, فنربط معاني الكلمات بالصور, ونربط المعاني المختلفة بعضها ببعض.

وتعد الخرائط الذهنية خرائط تصويرية حيث افترض العالم توني بوزان أن الذاكرة يمكن أن تنمو عن طريق استخدام المخططات التصويرية, واستخدام الأشكال المتعددة والألوان في الخرائط الذهنية, وقد أوضح بأن هذه الخرائط تسهل عملية التذكر وتساعد على الخروج بأفكار عبقرية, وهي تفيد في الخروج بالعروض التوضيحية والتقارير وتمنح القدرة على التفاوض والإقناع, إضافة إلى استخدامها في التخطيط للأهداف الشخصية.

وحسب توني بوزان فإن فكرة الخرائط الذهنية تعتمد على قاعدتين أساسيتين هما:

أن الأفراد ليسوا بحاجة إلى مجرد تعلم معلومات, وإنما بحاجة إلى تعلم كيفية التفكير, بالاستناد إلى مبدأ أن عقول الأطفال –والأفراد بشكل عام- لها قدرة غير محدودة على التفكير, فتسمح الخريطة الذهنية بفتح المجال أمام سلسلة لا نهائية من أدوات التنقيب عن الأفكار والتي تعمل بشكل متكامل على التحري والتحقيق بشأن أي فكرة أو قضية تشغل بال الفرد.

وأن العقل البشري تزداد كفاءته وفاعليته إن سمحنا لكل مظاهره الجسمية المتعددة والمهارات الفكرية بالعمل بانسجام مع بعضها البعض بدل من أن يتم الفصل بينهما, فبجانب اهتمامها بالمعالجة البصرية للمعلومات تهتم كذلك نحو التكامل في معالجة المعلومات, فلا يهمل جانب على حساب الآخر, فنحن نعلم بأن المخ ينقسم إلى نصفين متساويين ومتماثلين وينقسم كل نصف بدوره إلى مراكز ومناطق تقوم بنشاطات ووظائف متنوعة فنجد أن الجانب الأيسر مسؤول عن معالجة الكلمات والمنطق والتحليل وكذلك القوائم والتسلسل, أما الجانب الأيمن مسؤول عن المعالجة المكانية والمعلومات البصرية والخيال والألوان.

ومن خلال دمج كلا الجانبين من المخ يمكن تطوير عمليات التفكير بالكامل, ورفع العديد من القدرات العقلية وممارسة العديد من أنواع التفكير ومهاراته المختلفة, لذا فإن استخدام الخريطة الذهنية يمكننا من قراءة المعلومة بكامل الدماغ, بفصيه الأيمن والأيسر, فترفع بذلك من كفاءة التعلم والاستيعاب, ومن ثمة يتم تخزين المعلومات في الدماغ لأطول مدة ممكنة, لأنها جمعت بين الصور والكلمات وربطت المعاني المختلفة بعضها ببعض عن طريق الفروع المستخدمة في رسمها.

وبالتالي سهولة الوصول للمعلومة, وسرعة مراجعتها بشكل أسهل عن طريق الرجوع للخريطة الذهنية بدلاً من الرجوع لمعلومات مكدسة في عشرات الأوراق, وهذا مما ينمي في الفرد النشاط الإبداعي والمهارة العقلية.

فمن خلال الدمج بين مهارات التفكير وتقنيات الرسم فإن التعلم عن طريقة الخرائط الذهنية يساعد الطلبة على تطوير مهارات كتابية جيدة كما تساعدهم على التعلم بشكل أفضل, فهي تعد لغة بصرية تدعم حاجات المتعلم الأساسية التي يحتاجها في كل مراحله التعليمية, من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية لكي تمده بمفتاح آفاق قدرات العقل البشري الرحب.