يواجه الحرس الثوري الإيراني موقفاً اقتصادياً حرجاً للغاية ما يشير إلى إمكانية فقد الجهاز الأمني الأقوى في إيران لتوازنه بسبب خسائره الاقتصادية، وذلك بعد أن أوقفت عدد من البنوك الإيرانية تعاملاتها المالية مع مؤسسات الحرس الثوري الإيراني، تطبيقا لبنود الاتفاق النووي الإلحاقية، ومن ضمنها تطبيق اتفاقية مجموعة العمل المالي “فتاف” أو ما يعرف بـ”هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط”.

وأشارت تقارير إلى  رسائل رسمية سربت من بنكي “ملت” و”سبه” الإيرانيين تؤكد على التزام هذه البنوك الإيرانية بعدم التعامل مع شركة “خاتم الأنبياء” للإعمار، التابعة للحرس الثوري الإيراني؛ تطبيقا للاتفاق النووي الإيراني.

ولفتت التقارير ذاتها إلى أن شركة “خاتم الأنبياء” تستحوذ على أكثر من 850 شركة تابعة لها في مختلف المجالات، وتقدر قيمة شركة “خاتم الأنبياء” المالية بمليارات الدولارات، وتتهمها الولايات المتحدة بتمويل الإرهاب وإدارة شبكات غسيل الأموال في المنطقة.

وهاجمت الصحف الإيرانية المقربة من الحرس الثوري الحكومة الإيرانية؛ بسبب توقف التعامل المالي مع شركة “خاتم الأنبياء”.

ومن بين هذه الصحف صحيفة “كيهان” الإيرانية، المملوكة للمرشد خامنئي، التي تبنت الهجوم على حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، والاتفاق النووي الإيراني الذي نتج عنه توقيف تعامل البنوك الإيرانية نفسها مع الحرس الثوري.

وقالت “كيهان” إن تطبيق اتفاقية مجموعة العمل المالي “فتاف” أو ما يعرف بهيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط يعدّ أسوأ وأخطر من الاتفاق النووي؛ لأنه عن طريق تطبيق هذا الاتفاق يتم الاطلاع على الحسابات المالية الإيرانية، وفرض التحريم البنكي من البنوك الإيرانية على مؤسسات وشركات الحرس الثوري الإيراني، وهذا يمثل تجاوزا خطيرا على السيادة الإيرانية.

وهدد حسين شريعتمداري، المستشار الإعلامي للمرشد خامنئي، حكومة روحاني، قائلا: “تطبيق اتفاقية فتاف يعجل بنهاية حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي بات يتشبث بهكذا اتفاقيات لإنقاذ حكومته، التي أدخلت البلاد في اتفاق نووي لم نحصل منه شيئا، خلافا لما كانت تروج له حكومته أثناء المفاوضات”.

وتكشف وثيقة “بنك ملت”، التي حصلت عليها “عربي21” من داخل إيران، وترجمت فحوى الوثيقة الرسمية، أن الحرس الثوري طالب الشهر الماضي بنقل أموال ضخمة بالعملة الأجنبية من الإمارات العربية المتحدة إلى بنك “ملى” شعبة إمارة دبي في الإمارات، لكن بنك “ملت” الإيراني رفض طلب شركة “خاتم الأنبياء” بنقل هذه الأموال لحسابات الشركة.

واتهم الحرس الثوري الإيراني حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنها تحولت إلى وزارة خارجية لتطبيق الاتفاق النووي، وأن تطبيق اتفاقية مجموعة العمل المالي “فتاف” أو ما يعرف بهيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط يعدّ اتهاما صريحا من الحكومة الإيرانية للحرس الثوري بأنه متورط في قضايا الإرهاب وغسيل الأموال في المنطقة.

وردا على توقف التعامل مع الحرس الثوري الإيراني من قبل بنكي “سبه” و”ملت”، أطلق الحرس الثوري حملة حرق البطاقات البنكية لمشتركي هذا البنوك الإيرانية، واتهمت هذه البنوك بطعن الجنرال سليماني -الذي يقاتل في حلب- من الخلف”.

ويرى المراقبون للشأن الإيراني أن الأزمة البنكية بين الحكومة والحرس الثوري تشكل جزءا من الصراع القائم بين المحافظين والإصلاحيين في إيران، وأن الحرس الثوري سوف يستخدم نفوذ المرشد للضغط على حكومة روحاني، ومن الممكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى عدم إعطاء الرئيس روحاني صلاحية الترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة”.