«بدافع الغضب من قانون 11 سبتمبر ، تعيد السعودية التفكير في تحالفها مع الولايات المتحدة» بهذا العنوان بدأت صحيفة «نيويورك تايمز » الأمريكية تقريرها حول تداعيات رفض الكونجرس فيتو الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ضد قانون «جاستا » الذي يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية.

وذكرت الصحيفة أنه على مدار عهد «أوباما» في البيت الأبيض، راقبت السعودية وحلفاؤها الخليجيون بمشاعر الفزع انحسار تحالف مع الولايات المتحدة دام عقودا طويلة، ثم جاء الدعم الكاسح من الكونجرس لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا»، ليكون بمثابة البرهان الكامل الذي احتاج العديد من السعوديين إلى رؤيته لتأكيد أن التحالف، الذي ارتكز عليه النظام الإقليمي على مدى عقود، بات في مرحلة مرضية لا يمكن علاجها.

ونقلت الصحيفة عن الكاتب السعودي وخبير علم الاجتماع السياسي، خالد الدخيل، قوله إن «جاستا تنبيه للسعوديين بأن الوقت قد حان لإعادة النظر في مفهوم التحالف مع الولايات المتحدة»، وأوضحت الصحيفة أن الرد السعودي على تمرير مشروع القانون ورفض فيتو «أوباما» اتسم بمزيج من الغضب وخيبة الأمل، بينما بدأ البعض في التفكير في كيفية التأقلم مع الوضع الجديد.

واعتبرت أن تمرير القانون كان ضربة هائلة للسعوديين الذين طالما احتفظوا بروابط قوية في واشنطن عبر التعاون الوثيق مع الحكومة الأمريكية في مجموعة من القضايا تشمل الاقتصاد والسياسة النفطية ومكافحة الإرهاب وبرامج المشاركة المخابراتية والتعاون العسكري.

وأوضحت أن دبلوماسيين سعوديين ومجموعة من شركات العلاقات العامة، التي استأجرتها الحكومة السعودية، مارست ضغوطا ضد التشريع بقيادة وزير الخارجية، عادل الجبير، لكنهم فشلوا في إقناع المشرعين بالتصويت ضد مشروع قانون يروج له عائلات ضحايا 11 سبتمبر.

وعلق رجل الأعمال السعودي، فيصل بن فرحان، قائلا: «لأن القانون يرتبط بقوة بأحداث 11 سبتمبر، فإنه يغذي التصور بأن الرياض مسؤولة إلى حد ما عن الإرهاب الإسلامي، وهو بالنسبة لي أكثر قلقًا من أي تأثير مباشر آخر للتشريع».

وأشارت الصحيفة إلى أنه على صفحات التواصل الاجتماعي، اقترح بعض المستخدمين أن القانون جزء من نظرية مؤامرة مشؤومة ضد المملكة.

وكتب مستخدم يدعى خالد العلقمي: «واشنطن فشلت لمدة 15 عامًا في إثبات أي دور للحكومة السعودية في هجمات 11 سبتمبر»، واصفًا ذلك بالابتزاز.

بينما رأى مستخدم آخر، يدعى حذيفة عزام، أن «الهدف من قانون جاستا هو تجميد الأموال السعودية ومواردها لشل حركة الرياض في اليمن وسوريا».

وفي بيان نشر، الخميس، قالت الخارجية السعودية إن إقرار القانون مصدر قلق كبير، من شأنه إضعاف الحصانة السيادية والتأثير سلبًا على جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة.

ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، سلمان الدوسري، كتب قائلا عبر رسالة إلكترونية: «من المؤكد أن التحالف الإستراتيجي بين الدولتين في خطر حقيقي، إذا كان صحيحا أن الرياض ستتضرر من الأزمة، فإن لدى واشنطن أيضا مصالح بالمنطقة وسيتأثرون أيضا».

وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية لديها الكثير من الأموال المستثمرة داخل الولايات المتحدة، وحذر «الجبير» من إمكانية سحب هذه الاستثمارات إذا شعرت الرياض بالخوف من إمكانية مصادرة أصولها كجزء من إجراءات قضائية، بحسب «نيويورك تايمز».

وترى الصحيفة أنه ليس واضحا بعد إذا ما كانت السعودية ستبدأ فعلا في سحب هذه الأصول، خاصة أن الولايات المتحدة لديها تواجد عسكري كبير في الخليج، مع بعثات تدريبية في السعودية، وقواعد أكبر في قطر والبحرين والإمارات، وكذلك تتعاون واشنطن مع السعودية في عملياتها باليمن، وأماكن أخرى، بالإضافة إلى تبادل المعلومات المخابراتية لمحاربة تنظيمي «القاعدة» و«داعش».