وزير التجارة السابق توفيق الربيعة مكث في التجارة بضعة أعوام أسس خلالها الكثير من النظم والقواعد التجارية التي نحتاجها حقا.

ومنها إعادة حقوق المواطن في كثير من القضايا التجارية التي تذهب لصالح التاجر عادة ومنها ما يحدث في وكالات السيارات التي قصمت ظهور الناس بلا رقيب أو حسيب.

بيد أن الرجل سرعان ما ترجل عن كرسيه ليتسنم كرسيا آخر، فقدناه في المال، وكسبناه في الصحة والأخيرة أهم .. وللأسف عادة الأمور كما كانت عليه في السابق بين التاجر المتعطش للمال والمواطن المغلوب على أمره.

حتى أن وزارة التجارة بدأت تجد الأعذار للتاجر في بيعه أو احتواء سلعته ولعل قضية وكالات السيارات التي عادت مرة أخرى لتفرض على المواطن اتباع صيانة الوكيل ليضمن سيارته في تلاعب واضح لكنه مغلف «بزركشة» حلو الكلام. في لقاء جمعني مع بعض مدراء شركات التصنيع الكورية قال لي أحدهم إنه يستغرب بشدة هذا الجشع الذي عليه تجاركم، وأردف بالقول نراهم للأسف يبيعون السلعة بعشرة أضعافها وهذا يؤدي إلى عزوف الناس عن منتجاتنا وعندما سأل عن سعر قطعة السيارة من منتجاتهم صعق وقال للأسف أنتم تحتاجون لوزارة تجارة وليس لتجار وزارة !!

أحد الخلفاء العثمانيين قبيل نحو 400 عام كان يتطقس حال الأسواق وسمع أن أغلب التجار يتلاعبون بالأسعار وبعضهم يتفق على بيع سلعة بسعر موحد مما حدا بتذمر الناس والشكوى من هذه الأفعال فعين إثر ذلك موظفين لمراقبة الأسعار.

كانت وظيفة السربوت هي المراقبة لكن السربوت بدأ يأخذ لنفسه من التجار مقابل الصمت مما أرغم الخليفة مرة أخرى على إيجاد وظيفة جديدة وهي السرسري الذي بدوره يراقب مراقب الأسعار لكن عامة الناس لم تر في السربوت والسرسري إلا زيادة في الغش حتى باتت هاتين الكلمتين بغيضتين عند العامة لكنها في الأصل وظائف حكومية مرموقة.

اليوم نحن بحاجة للسربوت والسرسري أن يكون متواجدا ليس في الأسواق فحسب بل أيضا مع الشركات الكبرى التي تصدر لنا البضائع والسيارات لتباع في أسواقنا بعشرة أضعافها.

نحتاج أن يتحرك وزير التجارة الذي خلف أروع وزير تجارة في تاريخ المملكة، على الأقل يتحفنا بسرابيت وسرسرية وإن لم يعملوا، لكن وجودهم يكفي لإذابة كل غش في مهده.. وكفى.