‏يعقد زعماء الخليج القمة الخليجية بالمنامة في مرحلة بالغة الحساسية لشعوب دول المجلس وللمنطقة، بما تشهده من تطورات هامة سياسية وأمنية واقتصادية، فقد واجه المجلس منذ تأسيسه ولا زال يواجه الكثير من التحديات غير الاعتيادية بسبب الأحداث الاقتصادية والسياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط والتي تجعل خيار استمرار المجلس خياراً حتمياً لمواجهة التغيرات والضغوط التي تواجهها دول المجلس .
‏ولهذا فأن أمام ملوك وقادة مجلس التعاون في هذه القمة العديد من الملفات الساخنة والكثير من تطلعات وأمال أبناء الخليج وربما يأتي في مقدمتها الحفاظ على أمن واستقرار الخليج ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية والعسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة قدرتها على مكافحة الأعمال الإرهابية إضافة إلى تبادل الخبرات الأمنية بين منسوبيها في المجالات الأمنية خاصة مجال مكافحة الإرهاب . والتوسع في تنفيذ المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة على غرار التمرين الأمني المشترك (أمن الخليج العربي1) الذي نفذ قبل أيام بمملكة البحرين بحضور قيادات أمنية من مختلف دول مجلس التعاون والذي يمثل في نظري حلقة قوية في مستويات التنسيق والتكامل بين الأجهزة الأمنية بدول المجلس لموجهة الكثير من التحديات والمخاطر .
‏أيضا من الملفات المهمة على طاولة قادة مجلس التعاون البدء في انتقال مجلس التعاون من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل والوحدة الكاملة التي لم تعد ترفاً كما يعتقد البعض وإنما باتت ضرورة ملحة تفرضها الأهمية الكبيرة لمنطقة الخليج العربي من النواحي الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والسعي نحو التكامل والاتحاد بهدف الحفاظ على المكتسبات والمنجزات ودرء المخاطر والتهديدات .
‏مع أدركانا أن الوصول للاتحاد الخليجي ليس سهلاً كما يعتقد، فهو خطوة ونقلة نوعية تحتاج بكل تأكيد إلى رغبة أكيدة وإصرار شديد من جانب قادة دول مجلس التعاون الخليجي، كما تتطلب تهيئة البيئة السياسية والاقتصادية والتشريعية والأمنية اللازمة والأرضية الصلبة التي يقوم عليها وينجح بها ويحقق من خلالها ما تصبو إليه دول الخليج .

‏كذلك يتطلع أبناء الخليج من هذه القمة تحقيق الحلم الخليجي المتمثل في اجتماع هذه الأعلام الستة على ورقة نقدية واحدة والتوصل إلى اتحاد نقدي خليجي واحد .فهذه الخطوة في نظري أنها تأخرت كثيراً لكن أن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي. فالإسراع فيها ستجعل من الخليج كما يقول خبراء الاقتصاد سادس أكبر اقتصاد في العالم، وهي مرتبة متقدمة جداً وقوة كبيرة من الممكن استغلالها لمصلحة الدول الخليجية وللمنطقة ككل.
‏فإطلاق العملة الخليجية الموحدة لدول المجلس عقب التحول من مرحلة “التعاون” إلى مرحلة “الاتحاد” سيسهم في الوقت ذاته بزيادة القوة التفاوضية التجارية مع بقية دول العالم، كما أنها ستسهم في القضاء على المخاطر المتعلقة بأسعار صرف العملات الخليجية وحل مشكلات التجارة البيني .
‏إن الوصول لهذا الهدف الخليجي “الصعب” و”الحتمي” يفرض على قادة دول مجلس التعاون البدء الجدي في خطوات نحو هذا الاتحاد ومن ذلك وضع جدول زمني لتوحيد التشريعات وأنظمة الاقتصاد وتعميق مفهوم السوق الواحدة .
‏صحيح أن دول المجلس أنجزت خطوات نحو إقامة السوق الخليجية المشتركة من أبرزها ضمان حرية التنقل والإقامة لمواطني دول المجلس ، وحرية حركة رؤوس الأموال, بالإضافة إلى حرية التملك والاستثمار. إلا أن كل هذه الخطوات لا يمكن الاعتماد عليها في إقامة الاتحاد الخليجي التي تتوجب الإسراع بعملية التكامل الاقتصادي التي تجعل من دول مجلس التعاون قوة ذات وزن وتأثير سياسي واقتصادي عالمي.