وكما كان سقوط هيلاري كيلنتون في الانتخابات الأمريكية مدويًا، كان كذلك إخفاق ساركوزي في الانتخابات التمهيدية الفرنسية، لكن الفشل لم يكن الشيء الوحيد المشترك بين الحالتين فبينهما أمور متشابهة كثيرة منها أن الحالتين كانتا مثالًا صارخًا على نهاية فكرة استطلاعات الرأي التي كما أيدت فوز كيلنتون باكتساح أشارت كذلك إلى نجاح ساركوزي، والعامل المشترك الآخر هو فشل المال العربي في دعم الحالتين.

فإلى اليوم ما زال شبح العميد القذافي يطارد ساركوزي الذي أخذ أمواًلا منه لتمويل حملته الانتخابية سنة 2007، ووصلت الأمور إلى القضاء الفرنسي، الذي فتح تحقيقات بهذا الشأن، لكن الشعب الفرنسي لم ينتظر كلمة القضاء وقال كلمته في حق ساركوزي الذي أقصاه إلى غياهب التاريخ.

وفي ذات السياق بات لا يخفى على أحد الدول العربية التي موّلت مؤسسة كلينتون، وحملتها الانتخابية للرئاسة الأمريكية، بمليارات الدولارات، وإن كان القذافي حي يرزق لكان من أوائل المانحين لها هو الآخر، وقد نشر موقع ويكيليكس قائمة بها.

الضربة القاضية لم تكن من نصيب المال العربي فقط الذي ضاع هباءً وكان من الأجدى أن يذهب لمشاريع تنموية، لكن كان أيضا من حظ مؤسسات استطلاع الرأي التي فقدت مصداقيتها لدى العموم الذين احتكموا إلى عقولهم في اختياراتهم ولم يسمحوا لجماعات المصالح بتوجيههم كما يرغبون.