انتهت المعركة الانتخابية على الرئاسة الأمريكية بإعلان فوز المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” على منافسته مرشحه الحزب الديمقراطي “هيلاري كلينتون”.
وبإعلان فوز الملياردير الأمريكي الشهير المثير للجدل، ارتفعت آمال مؤيديه الذين يرونه قائدا مخلصا، شديد الوطنية وسيعيد لأمريكا عظمتها مرة أخرى حسب شعارات أطلقها كان أخرها اليوم، رغم ضآله خبرته السياسية.
وبرغم اتجاه أنظار الملايين صوب الولايات المتحدة، ومتابعتها بشغف عملية انتخاب رئيس أقوى دولة في العالم، وبرغم المتابعة الدقيقة لآراء المرشحين للقضايا المتعلقة بالشأن الأمريكي داخليا، وسياسته خارجيا، غير أن الكثيرين لايعرفون كيف يتم انتخاب الرئيس الأمريكي.
التقرير التالي سيجيب عن جميع التساؤلات ويوضح كل الاستفسارات حول الانتخابات الأمريكية منذ استقلالها عن الإمبرطورية البريطانية.
في الرابع من يوليو من العام 1776 أعلنت الولايات المتحدة استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية، بعد خوضها حرب الاستقلال التى انتهت في العام 1783.
وفي 30 أبريل من العام 1789 انتخبت الولايات المتحدة “جورج واشنطن” كأول رئيس لها، بعد استقلالها بـ13 ولاية كونت بنهم نواه الجمهورية.
وتجري الانتخابات الأمريكية في يوم الثلاثاء ما بين 2 و 8 نوفمبر، كل 4 سنوات، والسبب في اختيار الثلاثاء، يعود للقرن الـ18، حيث بدائية وسائل المواصلات، فكن يجب أن تقام الانتخابات في وقت مناسب للناخبين، الذين كان أكثرهم من الفلاحين، وكان الأمريكيون يذهبون للكنائس لأداء الصلاة يوم الأحد ثم يسافرون يوم الإثنين للمدن حيث تقام لجان الاقتراع فيدلون بأصواتهم يوم الثلاثاء ثم يعودون يوم الأربعاء لقراهم حيث كان يوم الأربعاء هو يوم “السوق”.
وتجرى الانتخابات بنظام الانتخاب غير المباشر، فالمواطنون في حقيقة الأمر لا يختارون الرئيس الأمريكي مباشرة بل يختارون الممثلين أو المندوبين الذين سيشكلون المجمعات “الكليات” الانتخابية التي تقوم بانتخاب الرئيس.
وتمر عملية انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة بعدة مراحل حيث يجب على كل حزب أن يختار مرشحه الرئاسي ثم يتنافس مرشحو الأحزاب في الانتخابات العامة ليحتل الفائز بأكبر عدد من الأصوات المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
وتمر الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعدة مراحل:
1 _ المؤتمرات الحزبية والانتخابات الأولية
وهي المرحلة الأولى في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية والهدف منها تحديد مرشح كل من الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة الأمريكية، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، والمرشح الرئاسي لكل حزب يختاره مندوبو الحزب في مؤتمر وطني عام.
وتختلف طريق اختيار المندوبون بين الحزبين، وبين الولايات نفسها، حيث يتبع كل حزب صيغة معينة لعدد المندوبين الذين توفدهم كل ولاية للمؤتمر العام.
وهناك وسيلتان رئيسيتان لاختيار المندوبين وهما، الأولي هى الانتخابات الأولية التمهيدية، والثانية هى المؤتمرات الحزبية الانتخابية التفضيلية
فالانتخابات الأولية أو التمهيدية تكون بالاقتراع غير المباشر في الولايات، فيختار الناخبون مندوبين عنهم يكونون ملتزمين بالتصويت للمرشح الرئاسي الذي تعهدوا بالتصويت لصالحه في المؤتمر الحزبي العام. كتلة المصوتين في الانتخابات التمهيدية تختلف بين الحزبين وعلى مستوى الولايات التي تختار مندوبيها بتلك الطريقة. ففي بعض الولايات مثل ولاية “نيويورك” تكون هذه الانتخابات مقصورة على أعضاء الحزب وحدهم لاختيار مرشح حزبهم في الانتخابات الرئاسية بينما تكون الانتخابات في ولايات أخرى مثل ولاية “ويسكونسين” مفتوحة لجميع الناخبين المسجلين في الولاية حتى لغير المنتمين للحزب. هناك طريق ثالث تتخذه بعض الولايات مثل “نيوهامشير” بحيث يصوت جميع الناخبين عدا المسجلين في الحزب الديمقراطي في انتخابات الحزب الجمهوري الأولية والعكس.
الطريقة الثانية هي المؤتمرات الحزبية الانتخابية وهي تجمعات لأعضاء الحزب حيث يقدم أعضاء الحزب الذين يزمعون الترشح أنفسهم وخططهم ويحاولون كسب تأييد الأعضاء لينالوا بطاقة الترشح باسم الحزب. ومحصلة المؤتمر هي انتخاب المندوبين الذين سيصوتون في المؤتمر الانتخابي للولاية أو المقاطعة بنفس النسب التي حصل عليها المتنافسون في المؤتمرات المحلية.
ولا تتم الانتخابات التمهيدية في كل الولايات في وقت واحد بل تحدد كل ولاية موعدًا لإجراء الانتخابات التمهيدية وعادة ما تكون ولاتي “أيوا” و”نيو هامشير” أول الولايات إجراءً للانتخابات. وبينما تنظم الأحزاب الانتخابات الحزبية فإن الولايات وإداراتها هي الموكلة بتنظيم الانتخابات الأولية التمهيدية.
2_ المؤتمرات العامة
يقيم كل حزب مؤتمرًا عامًا ليعلن فيه مرشحه في الانتخابات الرئاسية، ويجتمع مندوبو كل حزب الذين سبق انتخابهم في التجمعات الحزبية والانتخابات الأولية بالإضافة لبعض قيادات الحزب لينتخبوا مرشحًا للحزب في الانتخابات الرئاسية. صاحب العدد الأكبر من ترشيحات المندوبين هو مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية.
ويصوت المندوبون روتينيًا للمرشح لمنصب نائب الرئيس الذي يختاره مرشحهم للرئاسة، ليكون مرشح الحزب لمنصب نائب الرئيس هو المتسابق الذي يحصل على أغلبية الأصوات التي يُدلى بها لمنصب نائب الرئيس في المؤتمر العام.
3 _ الانتخابات العامة
بعد اختيار كل حزب لمرشحيه في السباق الرئاسي “على منصبي الرئيس ونائبه” يبدأ السباق الرئاسي الحقيقي بين المرشحين.
ويسيطر الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، على مقعد رئيس الجمهورية.
وبعد سباق يمتد لعدة أسابيع، يدخل السباق الرئاسي محطته قبل الأخيرة في الثلاثاء الأول بعد أول إثنين من شهر نوفمبر، حيث يتوافد الناخبون في ذلك اليوم على المقرات الانتخابية للإدلاء بأصواتهم واختيار المرشحين على مقعد الرئيس ونائب الرئيس.
الناخبون باختيارهم لمرشح رئاسي في الانتخابات العامة يختارون المندوبين الذين سيصوتون لذلك المرشح في الهيئة “المجمع” الانتخابي.
٤ _ المجمعات الانتخابية
الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة تقام بنظام الانتخاب غير المباشر كما أوضحنا، ولذلك فإن الناخبين يختارون مندوبون لهم في الهيئة “المجمع” الانتخابي الذين بدورهم ينتخبون المرشح الذين أعلنوا ولاءهم له وحازوا على أصوات الناخبين تبعًا لذلك، مما يعني أن الرئيس ليس بالضرورة اختيار أغلبية أو حتى أكثرية الشعب الأمريكي.
فالهيئة الانتخابية مكونة من مندوبي كل الولايات المتحدة الأمريكية، وتمثل كل ولاية بعدد أصواتها في الكونجرس الأمريكي “مجلس الشيوخ ومجلس النواب” وهو مايساوي ٥٣٥ بالإضافة إلى ثلاثة أصوات لواشنطن العاصمة مما يجعل الإجمالي ٥٣٨ مندوبًا عن الولايات الأمريكية الخمسين يقومون بانتخاب رئيس الجمهورية.
قبل الانتخابات يقوم كل حزب بتسمية ٥٣٨ مندوبًا له في الولايات الخمسين من غير أعضاء الكونجرس، وتختلف طريقة اختيار المندوبين فقد تكون بالانتخاب أو بالتعيين. حينما يدلي الناخبون بأصواتهم في الولايات المختلفة فإنهم ينتخبون مندوبي الحزب الذي ينتمي له المرشح الرئاسي الذي يختارونه.
وتعد االولايات الـ6 صاحبة التأثير الأكبر وفقًا لعدد مندوبيها هي: كاليفورنيا ٥٥ صوتًا، تكساس ٣٨صوتًا، فلوريدا 9٢ صوتًا، نيويورك ٢٩ صوتًا، إيلينوي ٢٠ صوتًا، بنسلفانيا ٢٠ صوتًا بمجموع ١٩١ صوتًا أي ما يزيد عن ٣٥٪ من إجمالي عدد الأصوات في المجمع الانتخابي.
وبحسب النظام الأمريكي فإن من يفوز بأغلبية الأصوات الشعبية في الولاية يفوز بجميع أصوات الولاية في المجمع الانتخابي وهو ما يعرف بنظام الفائز يفوز بالكل. وتتبع كل الولايات الأمريكية هذا النظام عدا ولايتي “نبراسكا” و”ماين” اللتين تقسم فيهما الأصوات بحسب نسب التصويت الشعبي.
فمثلًا ولاية “نيويورك” لها ٢٩ صوتًا في المجمع الانتخابي يحصل عليهم جميعًا الفائز في الانتخابات العامة، ولو كان بفارق نسبة بسيطة.
ويجتمع مندوبو الولايات في عواصم ولاياتهم في في يوم الإثنين الذي يعقب الأربعاء الأول من شهر ديسمبر حيث يدلون بأصواتهم، وترسل بعد ذلك أصوات الهيئة الانتخابية إلى واشنطن، حيث يتم فرزها في يناير من العام التالي خلال جلسة مشتركة للكونجرس.
ويحتاج المرشح الرئاسي ٥٠٪ + ١ من عدد أصوات المجمع الانتخابي “٢٧٠ صوتًا” ليفوز بمقعد الرئاسة.
وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على منصب رئيس الجمهورية على أكثرية الأصوات في الهيئة الانتخابية يحال الأمر إلى مجلس النواب الذي يقوم باختيار الرئيس من بين أعلى ثلاث مرشحين حصولًا على أصوات الهيئة الانتخابية بأكثرية الأصوات بواقع صوت واحد لكل ولاية من الولايات الخمسين.
أما الإجراءات التي تقع في شهري ديسمبر ويناير من تصويت الهيئة الانتخابية وفرز أصواتها في الكونجرس تكون في الأغلب مجرد أمور رسمية فعادة يتحدد الفائز بمقعد الرئيس بعد الانتخابات العامة التي يختار فيها الشعب مرشحهم للرئاسة عن طريق اختيار مندوبيه الذين تعهدوا بالتصويت له في الهيئة الانتخابية.