تصريح من شخص يُطلَق عليه “مسؤول”، يتهم فيه أفراد هذا الشعب بأن إنتاجيتهم لا تتعدى ساعة يوميًّا، يتهم شعبًا كاملاً، منهم من عكف على مداواة المرضى، وفي التعليم، ومن باتت عينه في سبيل الله تحرس وطنه
إلى أي شيء استند في حكمه؟ أو ما آلية الدراسة التي استخدمها لتحديد “ساعته الإنتاجية” أما كان يجدر به أن يزور أقرب مدرسة من قصر معاليه ليجد الجواب المنافي لحُكْمه؟ أو يأخذ جولة بسيطة ليجد من يحرسون المنشآت على مدار الساعة؟
نحن شباب منتجون، متى أُعطيت لنا الفرصة سوف ننجح نحن طاقات منتجة، لا ننتظر منك إنصافًا أو حتى ثناءً نحن نعمل لرقي الوطن، لا لنُرضي طموحك فعُدْ إلى مكتبك ، وكن منتجًا فهناك العديد من خريجي الجامعات بعضهم مرَّ على تخرجه عقد من الزمن ولم يجدوا فرصًا وظيفة فكن منتجًا، وأوجد لهم حلاً.
إن لم يتحر وزير الخدمة المدنية الدقة في حديثه حول قلة إنتاجية الموظف السعودي والتي حددها بساعة في اليوم، فوزارته مقصرة من جانب آخر، فكان لزاما عليها البحث عن المسببات في حينه دون السكوت على الأمر ثم التصريح به في هذا الوقت الدقيق جدا، والذي يحاول فيه الموظفون استيعاب الإجراءات الجديدة والتكيف مع استقطاع البدلات والعلاوات من رواتبهم في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد.
أما من ناحية دقة نتائج الدراسات التي لوح بها من عدمه، فلن نستطيع الإنكار أن هناك بعض الموظفين والموظفات تقل إنتاجيتهم في اليوم، بل قد تنعدم إلى الصفر، وليس الموظفون فحسب، بل هناك مديرون ومديرات إنتاجهم لا يتعدى الصفر المكعب. يبدأ اليوم وينتهي وهم قابعون على مكاتبهم يطاردون النكت والمقاطع الفكاهية على وسائل التواصل، بينما الموظفون يكدحون طوال اليوم، إن لم تلحق بهم العدوى من الإدارة لتصيبهم حمى قهوة الصباح وما يتبعها من كماليات ترص بطريقة جاذبة وصالحة لأن تعبر الفضاء كصور حية لبرنامج السناب في أجهزتهم الذكية، والحقيقة التي قد يصعب تصديقها أن هناك إدارات تسمع وترى إهمال موظفيها وموظفاتها وتغض الطرف عنهم معتمدة في إنجاز المهام على المسالمين أو من اعتادوا إخلاص النية في أداء أعمالهم.
إن فساد بعض الإداريين واقع ومعلوم، لكن ليس هناك علاج. لذلك تفاقم الأمر وغاب الضمير والنتيجة قلة الإنتاجية، والآن وقد تغير الوضع ليكون الأداء مقياسا لبقاء الموظف في مكانه أو تسريحه أصبحت المسؤولية كبيرة، والموظف حتى وإن كان غير ملتزم في السابق يحتاج مساعدة لتعديل وضعه، والبداية تكون من إصلاح رأس الهرم في كل قطاع قبل التركيز على الموظفين الصغار، لأن في صلاحه القضاء على الكثير من المشاكل. كذلك يجب التركيز على تغيير وتطوير الأنظمة القديمة المتبعة في تسيير الأعمال، وتثقيف وتدريب الكوادر على كل ما هو جديد، مع كسر روتين الدوام اليومي المتكرر طوال العام، وبدل أن تكون البيئة طاردة وحاضنة للبطالة المقنعة وللأنظمة الإدارية العقيمة والرجعية تصبح جاذبة وممتعة للموظف، لأن العقاب في ظل وجود التقصير الواضح في معالجة المشاكل الوظيفة لن يجدي نفعا.
ختاماً:
كان بإمكان الوزير أن يقول (بعض) الموظفين ولا يعمم فالتعميم في أي قضية ظلم.