كم مرة حاولت النظر لصورة مرة أخرى وخرجت منها بانطباعات غير الانطباعات الأولى التي ترسبت في ذاكرتك، لو حاولت، ستكتشف مشاعر مغايرة تماما عما انتابك في المرة الأولى وربما تكتشف قصصًا وأسرارًا خلف الوجوه المبتسمة.

عام 1973 التقطت صورة يظهر بها طيار بملابسه العسكرية، يستقبل أفراد أسرته، قد يبدو المشهد عادياً، ولكن هذه اللقطة حازت على لقب أفضل صورة صحفية في العالم، والسر يكمن في القصة التي تختبئ خلف أبطال الصورة.

الطيار «روبرت ستيرم» الذي من فيتنام عام 1973 بعد أن كان أسيراً لمدة 5 سنوات، وكان باستقباله عائلته، التقطت له عدسة أحد المصورين ذلك اللقاء الذي يبدو حماسياً، لأسر حرب لم ير عائلته منذ خمس سنوات.

عند مشاهدة الصورة للمرة الثانية ستكتشف أن «ستيرم» كان حزيناً ولم يكن متحمساً كثيراً للعودة، على الرغم من الفرح الذي كان يعتري ملامح الأبناء، وبنظرة دقيقة يُلاحظ أن الجندي «ستريم» يمشي بخُطى متثاقلة، بينما تعتري ابتسامة غامضة وجه الزوجة.

 

سر الخطى المتثاقلة والابتسامة الباهتة، كان رسالة استقبلها «ستيرم» قبل إطلاق سراحه مباشرة، تلك الرسالة كانت من زوجته، التي أخبرته في رسالتها برغبتها في الانفصال، واعترفت له بأنها تواعد رجلاً آخر، حيث أنها يأست من عودته في وقت قريب.

لم يتردد “ستريم” عن المضي قدماً في إجراءات الطلاق، لتتزوج هي بعد عام واحد، بينما انشغل هو في كتابة مذكراته عن الحرب والأسر، ولم يُغفل ذكر ذلك المشهد الحزين وملابساته.

وبعد نشر المذكرات، فازت الصورة بلقب أفضل صورة صحفية في العالم، وعند سؤال “ستريم” عن صورته الفائزة، أجاب بأنه لم يكرر مشاهدته لها، ولم يقتنيها، لأنه لا يستطيع النظر إليها ورؤية المشهد.