قضيت من العمر ستاوأربعين سنة،نصفها على رأس العمل،أستلم راتبي باليمين،لكن بسمة زوجتي، ودمعة ابنتي، وصمت ابني ، ورضا روحى يسلبون ما جمعت،ولهذا عشت وإلى الآن بدون منزل مستقل فأنا أعيش بداوة الحضارة لاجئا رحالا أتنقل راضيا مرضيا هنا وهناك،وحيثما عنت لي مشكلة دارا أو جوارا أوصدت الباب، وذهبت إلى مكان آخر أجد فيه همسة شعر أو نسمة نثر،انصرمت السنوات،وهاجمني الشيب،ولم أعثر على فرصة بناء منزل العمر،ومع تطبيقات وزارةالإسكان المتوالية،سكن خوفي وهدأ روعي، وارتفع سقف أمنياتي،والعجيب في الأمر أن هذه التطبيقات والخطط خلقت لغيري ولم يلبس أحدها ثيابي البتة،علما بأني ومع كل صباح وبعد فطوري أسكب كوب مشروبي( الشاي بذي حبق أو هيل أو نعناع) وأبدأ
تقليب صفاحات الصحف وأسيح في أخبارها فاتحا عيني على ما يخص عالم السكن والبناء مع جهلي التام بالمقاولات!!ولذلك قد أذهب في حلم (يقظة)مع الأخباركما سأحكي عقب قراءتي لآخرتطبيق أطلقته وزارة الإسكان تحت مسمى:( اتحادالملاك)
حيث وجدتني أما طاولة مستديرة أوقع عقد ملكيتي لمنزل أحلام داهمتن أطيافه طوال أربعين خريفا وتوافق هذا الأمر مع لحظة تقاعدي من وظيفتي كمعلم،فلقد لبستني وزارتي الميمونة(كعب داير) للحصول على جملة مشاهد فاقت مشاهدي(سيل في شوارعنا)!!،ثم قدمت لي كعادتها مع الطيبين من أبنائها مقابل تعبي وعرقي وسهري وصبري ومرضي (مبلغا)مجزيا!! عجزت عن حمله ووجب التصرف فيه لتقليله فكان بند السكن أول عنصر يهمني وهذا ماحصل حيث خرجت من مبنى إدارة تعليمي الأشبه بحلقة الخضار سلاسة
تنظيم واهتمام بمن شاب في خدمتها
متتبعا سهم(قوقلي أقليك)والذي استحدث لإرشادالتائهين بين المجهولين ليتوافق مع رؤية(٢٠٣٠)
ومع وصولي للموقع المقتبس من مواقع الحصول على الخادمات الفاركات!! خرج لي موظف ذو سحنة شرق آسيوية مكتوب على بطاقة تعلو جيبه(بقايا حجاج ٢٠٠٠ فاستقبلني أحسن استقبال وعزف السلام بهز رقبته حتى أشفقت عليه!
ثم طرح أمامي بطاقات المنازل الموجودةوالتي أنزلها لديه موزع من أبناء جلدته برغم حمله لوحةعريضة على ظهره تنادي بالسعودة!!والمهم أني قمت باختيار البطاقةالتي أريد واحتوت على:(فيلا ذات دور واحد بخمسةمخارج_رجال،نساء،أطفال،ضيوف،وساهر)والأخيرأوصيكم بتوفره لرصد سرعة هروب العاملات!
ويضاف لماسبق عدةغرف لي حرية تسميتها،وللحق فقد وجدتها كالحلم ف(الشارع)الذي يقع
عليه منزلي خال من الحفر والمطبات لأن البلدية لم تدرعنه بعد!! وأيضا لا تمديدات لشبكةالمياه فخزان منزلي هذا ترتفع منه أنبوبة تنتهي بما يشبه الصحن تصبحه وتمسيه سحابة لم أتبين مصدرها فتسكب فيه مايكفي لملء الخزان المذكور ثم تغادر والثمن شرط في عقد التملك يقضي بعدم ممارسةالغسيل من قبل الخادمة مهما كان!،وأما (الكهرباء) في هذا المنزل فهي حكاية لوحدها حيث يمكنني وضع اللمبة والمكيف حيث أريد فللجدران خاصيةاللمس وأول ما ألمس النوع يبرزمظروف يحتوي على المبلغ المطلوب والمدة في دقة تنافس قراءات فواتير شركة الكهرباءوموظفيها حاليا!! ثم أقوم بجمع الظروف البارزة بمبالغها وتسليمها لساعي بريدخاص يمر كل(٢٤)ساعة،والإيقونةالتي لا أسددها أحرم منها لمدة شهر ثم تعاد لي بنفس الطريقة،
والمنزل المشارإليه لا مكان فيه (للنفايات) حيث تنتظم في جدارالمطبخ فتحات صغيرة تخص كل نوع من أنواع الشراب والأكل نضع فيها ما بقي أوزاد عن حاجتنا وهي بدورها تعيد تدويره بطريقة ألذ وأشهى على غرارالمطاعم الشهيرة التي تقدم الأطباق عدة مرات!!
أماعن (الأسرة) فهي موجودة وتمييز بقرب شبهها من فرش الاستراحات والشقق المفروشة في المتنزهات والمدن السياحيةوالساحليةفي النظافة والعناية!!وتزيد بنموها وانكماشها حسب الجسم النائم عليهاوبها أدراج خاصة بالبعوض والفئران والصراصير لكنهامنزوعة الدسم فقط للمشاهدة لمن اعتاد عليها!!
فاتني ذكر المجلس وهو هنا خرافة حيث يمكنه الضيق والاتساع حسب المزاج كعقوبات لجنةالانضباط في الاتحاد السعودي لكرةالقدم أو كتقديرات لجان نزع الملكية في البلديات
والطرق!!
كما تتوفربالمنزل جميع وسائل الاتصالات وذوات أبعاد ثلاثية في نسق بديع يفوق تنظيم وزارةالصحة ومواعيد مستشفياتها!!
ولكن عزيزي القارئ يالها من خسارة فادحة قد تتكبدها بخصوص هذا المنزل فقد تصحو متأخرا إحدى الليالي وأنت وأهلك في العراء وتبحث عنه فلا تجده كحال بعض الوزراء المتقاعسين عن أداء مهامهم!!
وماعليك في هذه الحال إلا التوجه لأقرب صراف والاستعلام عن رصيدك ومتى نزل راتبك دون مديونيات فاعلم سرعةعودته،وإلا فطب نفسا إذا نزل القضاء!
أحبابي: نسيت أن أخبركم بأن هذا الكلام فيما يراه النائم في ديرة تخلو من البهائم!!والمعنى في بطن الشاغر!!!