استبعدت الشرطة الألمانية، اليوم السبت، أن يكون منفذ الهجوم على المركز الأوليمبي التجاري بوسط مدينة ميونخ، على علاقة بتنظيم “داعش” الإرهابي أو اللاجئين الأمر الذي يقطع الطريق على المناهضين لسياسة الباب المفتوح التي تنتهجها المستشارة الألمانية تجاه اللاجئين من جناح اليمين المتطرف، والذين ينتهزون كل السبل للعصف باللاجئين الفارين من ويلات الحروب فى الشرق الأوسط.

وقال هوبيرتوس أندريه قائد شرطة ميونيخ، خلال مؤتمر صحفي أن هناك منفذ واحد – إيراني الأصل – للهجوم الذي وقع أمس في المدينة، ويبلغ من العمر 18 عاما، وأن ليس لموضوع “اللاجئين” أية علاقة بالقضية، مضيفا أن منفذ الهجوم خضع لعلاج نفسي من الاكتئاب.

مختل عقليا

واكد المدعي العام توماس شتاينكراوس-كوخ إن منفذ الهجوم على أحد المراكز التجارية في مدينة ميونيخ ليس له سجل جنائي و كان يعاني من الاكتئاب ، مشددا على أن المحققين يميلون إلى فرضية أن يكون مطلق النار “مختل عقليا”، وأن قوات الأمن عثرت على كتب في منزله تتعلق بعمليات إطلاق النار عشوائيا، مستبعدا أن يكون المنفذ انتحر حيث قال: “لم نجد حتى الآن رسالة انتحار من منفذ الهجوم”.

كما استبعد قائد الشرطة أن يكون تنظيم داعش الإرهابي له علاقة بالأمر، ورفض الربط بين الحادث والحوادث الأخرى، مؤكدا إنه لا يريد أن يعقد مقارنات بين الهجوم وبين الهجمات الأخيرة التي نُسبت لتنظيم “داعش”، كالهجوم الأخير في فورتسبرغ الذي نفذه شاب أفغاني من طالبي اللجوء بفأس وسكين، الذي أوقع 5 جرحى، مشيراً إلى أنه لا يرى في الوقت الحالي تشابهاً بينها.

ولدى سؤاله فيما إذا كان العمل إرهابياً أم موجة عنف، قال إنهم يعتبرونه إطلاق نار حالياً، أما تصنيفه فيعتمد على دافع القاتل، الذي يرتبط بما ستكشف عنه التحقيقات، إلا أنه أشار فى نفس الوقت إلى أن المتعلقات التي وجدت لا تشير إلى أي صلة للجماعات الإرهابية أو داعش، لأن الشاب الإيراني وفقاً للمعلومات المتوافرة حتى الآن شيعي.

وقالت وكالة رويترز عن مصدر مخابراتي قوله إن فرضية انتماء الجاني لـ”داعش” أو القاعدة أو أية مجموعة سنية أخرى تكاد تكون مستبعدة، في إشارة إلى العلاقة غير الطيبة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط ،مشددا على أن دوافع الشاب، الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والإيرانية، غير واضحة البتة حتى الآن، وأنه لم يكن لديه سجلٌ إجرامي.

مذبحة أوسلو

توقيت الهجوم الذي تزامن مع الذكرى الخامسة لمذبحة أوسلو في النرويج والتي قادها النازي أندريس بريفيك، وهو نرويجي الأصل والجنسية، حيث وقع هجومان استهدفا مقار حكومية في العاصمة أوسلو ومخيما لشباب حزب العمل الحاكم في جزيرة أوتايا، الأمر الذي أدى لمقتل 77 شخصا، وصنفت الهجمات كأسوء حادثة تصيب النرويج منذ الحملة النرويجية إبان الحرب العالمية الثانية ووصفت بالمأساة الوطنية.

كما ان خلفيات التوقيت دفعت الشرطة للتوجه نحو أن يكون المنفذ نازي خاصة بعد أن ذكر شهود عيان أن المنفذ كان يرتدي حذاء طويل يكثر ارتداؤه من قبل النازيين، وردد عبارات “أنا ألماني.. أنا ألماني”، حتى أن قائد الشرطة أعلنها خلال المؤتمر الصحفي قائلا: “تعاملنا مع الأمر على أنه مشابه لهجوم النرويج عام 2011 والذي قتل فيه 77 شخصا”، في إشارة واضحة لتوجيه أصابع الاتهام للنازيين.

وأردف قائد الشرطة إن مطلق الرصاص “قد انشغل كثيراً بقضية تنفيد حملة قتل مسعورة، حيث عثر على كتاب يتحدث عن أسباب رغبة الطلاب في تنفيذ حملات القتل، والمحققون يرجحون أن يكون مختل عقليا”.

القاتل

قالت صحيفة بيلد على موقعها الإلكتروني أن الجاني كان يعيش مع والديه في الشقة، وكان يذهب إلى مدرسة قريبة منها، وأن والده موجود في مركز الشرطة.

وأكدت أن جيرانه شاهدوه يوم أمس الجمعة، وأكد أحد جيرانه: ”أنه يقيم تماماً بجانبي، كنت أشاهده بين الفينة والأخرى، لكن لم أكن أعرفه بالفعل. صديقي كان زميله في المدرسة وقال إنه كان شخصاً هادئاً، لقد تعرّف عليه في الفيديو”.

وقتل مسلحٌ ألماني من أصل إيراني يبلغ من العمر 18 عاماً ما لا يقل عن تسعة أشخاص وأصاب 16 شخصاً في الهجوم من بينهم ثلاثة حالتهم خطيرة وعدة أطفال يوم الجمعة 22 يوليو بعد إطلاقه النار في مركز تجاري مزدحم بميونيخ قبل أن ينتحر، ولكن شرطة المدينة قالت إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان ذلك هجوماً إرهابياً.

سلاح الجاني

فيما أكد رئيس المكتب الجنائي في بايرن روبرت هايمبيرغر إن الجاني كان يقتني سلاحاً من طراز “غلوك” ويحمل ٣٠٠ طلقة، مشيرا غلى أن الشرطة ليس لديها معلومات عن الطريقة التي حصل بها الجاني على السلاح، وأنه كان يقتنيه بشكل غير شرعي، أي لم يكن يحمل رخصة.

وبين قائد الشرطة، أن هناك معلومات محدثة عن واقعة التقاء شرطة المدنية بالقاتل قرب مركز التسوق وإطلاقهم النار عليه قبل فراره، حيث أظهر فحص جثته التي عُثر عليها على الساعة ٨.٣٠ أي بعد قرابة ساعتين ونصف من بدء الهجوم، أنه لم يصب بنيران الشرطة وليس هناك سوى طلق ناري في الرأس، ما يؤكد على الأرجح إلى أنه انتحر.

الضحايا

اسفر الهجوم الدامي عن وجود عدد من القتلى كشفت الشرطة عن هوية بعضهم هم فتاتين وشبان تتراوح أعمارهم بين ١٤ و٢١، وسيدة تبلغ من العمر ٤٥ عاماً، وأكد قائد الشرطة أن جميعهم يحملون الجنسية الألمانية ويقطنون ميونيخ وبينهم عدد من “المراهقين”، وأن القاتل اشتكى في وقت سابق من تعرضه للتنمر والمضايقات، وتقول معلومات ربما استدرج بعض الضحايا الشباب إلى حتفهم بوعدٍ بطعام مجاني من مطعم مكدونالدز

ووفقاً لشهود العيان، خرج المهاجِم من دورة المياه الخاصة بالمطعم في حوالي الساعة 5:50 في ملابس سوداء، وبدأ في “إطلاق النار على الأطفال”. واستمرّ الهجوم الدموي في مركز التسوق المحلي وفي الشوارع المحيطة بمركز ميونيخ الأولمبي.

وقال أندريه إن دورية للشرطة المدنية التقت القاتل وأطلقت النار عليه، لكنه استطاع الفرار وتوارى عن الأنظار قبل أن يتم العثور عليه ميتاً الساعة ٨.٣٠ أي بعد قرابة ساعتين ونصف من بدء الهجوم.

بدورها ذكرت صحيفة “بيلد” أن القاتل حاول استدراج الضحايا إلى مطعم ماكدونالدز المذكور -رغم أنه من غير المؤكد إن كان نجح في مسعاه- عبر حساب وهمي باسم “سيلينا أ”، وعرف نفسه على أنه فتاة تركية، وكتب:” تعالوا اليوم الساعة ١٦ إلى ميغي (ماكدونالدز) عند مركز التسوق، سأتبرع لكم بالبعض إن كنتم لا تريدون ما هو غال”.

وأكدت الصحيفة إلى أنه وفقاً لمعلوماتها، كان الإيراني الألماني يتعرض لمضايقات من الأتراك والعرب في المدرسة، ويبدو أنه حاول أن ينتقم منهم، لكنه قتل أناس أبرياء.