أعوذ بالله من الشيطان الرجيم “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”
“القراءة هي العلم” كلنا يعلم قصة رسالة البعث التي بدأها جبريل الأمين بالحديث مع المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم بفعل الأمر “اقْرَأْ” .. والقراءة هي بوابة العلم والعلوم يليها الكتابة ثم يأتي بعدهما الحساب. ولابد لكل إنسان من قراءة وكتابة وحساب لكي لا يعد جاهلاً معدوماً.

في بلاد العرب الآن ثلاثمائة وخمسة وثمانون مليون عربي ، 385 مليون يتحدثون اللغة العربية طبقا لآخر احصائيات رسمية ، ترى كم من كل ألف منهم يقرؤون؟ يقولون أن نسبة 99% الشهيرة في الانتخابات والاستفتاءات بالدول العربية هي نسبة من لا يقرأون! أي تسعمائة وتسعون في كل ألف لا يقرأون!! كلهم سَمِيعَة يعيشون بإذنيهم!! وستة من العشرة الباقية يمرون ثم يَنْتِفون الأخبار من الصحف اليومية والشبكة العنكبوتية الأسطورية (من أنتاج جن وعفاريت العصر) ، ويقطفون النكت من المجلات الخفيفة ، ويتتبعون أخبار الحوادث والفن والفنانين والرياضة ، ويبقى أربعة من عشرة هم الذين يقرأون الكتاب ، والمقالات الفكرية والعلمية ويطالعون المجلات العامة والمتخصصة. وهؤلاء الأربعة نترجم عددهم إلى خمسة عشر ونصف المليون نسمة ، أونتجاوز ونقول ستة عشر مليون فرد ، وهؤلاء الستة عشر مليون من التعداد يدركهم في أكثر العام فتور بطبيعة الحالة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتلتهمهم عدوى البيئة أو فوضى النظام فيعافون الكتاب والكتابة ، ويطووا الصحف ويفضلون القعود في مشارب الشاي القهوة والمرطبات يتقمعون على مخاليق الله الآخرين ويتحدثون ويتسامرون فيما بينهم والأغنياء منهم يضجعون في مراقد السيكنة والاستجمام بالقرى السياحية والترفيهية على السواحل وفي الأرياف وفي الصحاري حيث المسابقات الترفيهية والسباق الرياضي من كل نوع ، أما الفقير منهم فهو هائم سارح شارد وراء لقمة العيش في معترك الحياة ، وقليل نادر منهم من يسبح يتأمل عالم ومجال الطبيعة في النفس والأرض والبحر والسماء.

هذا حال فكيف نعمل بجهاد لتغيير ذلك الحال؟ ومتى وكيف يحب الانسان العربي القراءة؟ وما هي الوسائل المطلوبة للوصول لهذه الغاية؟

رحم الله الاستاذ أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة حين قال: “وما دمنا لا نرى الكتاب ضرورة للروح ، كما نرى الرغيف ضرورة للبدن ، فنحن مع الخليقة الدنيا على هامش العيش أو على سطح الوجود”.
وإن شاء الله نلتقي ثانية فإلى اللقاء في المقالة القادمة.