لقد شهدت المملكة عبر العقود الماضية عدة هجمات وتفجيرات إرهابية استهدفت دور العبادة والمنشآت النفطية والمصالح الحكومية والوطنية وسفارات أجنبية و ألحقت تلك الهجمات الإرهابية في بعض الأحيان خسائر بشرية و مادية ،
إلا أنة أمام كل تلك التحديات والهجمات واجهت المملكة كل ذلك بعزيمة واقتدار وقدمت استراتيجيات نوعية وناجحة في مكافحة الإرهاب ,والتي ترجمتها عمليا الأجهزة الأمنية في خططها وبرامجها التنفيذية وبذلت جهودا كبيرة وجبارة في ضبط وإفشال الكثير من العمليات الإرهابية ونجحت في ملاحقة ومطاردة العناصر المتطرفة، مما أدى إلى تشديد الخناق على تلك العناصر الإرهابية وقطع إمداداتهم وتجفيف منابعهم، فبات الإرهاب في المملكة يقترب من نهايته المحتومة وأصبح يلفظ أنفاسه الأخيرة. وبدأت تلك التنظيمات الإرهابية تنحصر على أرض الواقع وان كان لها بعض التوسع والانتشار افتراضيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
ومما يؤكد هذا النظرية تلك العمليات الإرهابية الفاشلة التي قام بها التنظيم الإرهابي خلال اليومين الماضيين حول القنصلية الأمريكية بجدة والمسجد النبوي الشريف وأحد مساجد القطيف .

فهذه العمليات لو نظرنا إليها من الناحية الأمنية أو الإستراتيجية نجد أن التنظيم لن يجنى منها أي مكاسب تذكر . وربما كان يريد منها فقط إعطاء إشارة انه لازال على قيد الحياة وانه موجود مثل الرجل المريض على فراش الموت الذي يلوح بيده إلى من حوله انه لم يموت بعد لكنه في المراحل الأخيرة من المرض . وذلك لأن أعضاء التنظيم المتبقين في المملكة هم مجرد هواة وحديثو تجربة مع التنظيم الذي فقد جميع عناصره المهيأة على العمل بشكل احترافي أما بالاعتقال أو الموت في عمليات سابقة. مما جعل أفراد التنظيم يلجأون إلى تغيير طارئ في كثير من إستراتيجيتهم الإرهابية بعد أن كشفت السلطات الأمنية الكثير من العمليات قبل تنفيذها وألقت القبض على العشرات منهم.

وهذا دليل على نجاح إستراتيجية المملكة التي انتهجتها لمكافحة الإرهاب والمتمثلة في الحزم في مواجهة الإرهاب، وإحالة المتهمين والمتورطين في الإرهاب إلى المحاكم المختصة لينالوا العقاب العادل وفق الشريعة الإسلامية, وكذلك اعتماد مبدأ الحوار الفكري المعتدل المستنير لإصلاح المخدوعين والمغرر بهم ممن لم يرتكبوا عملاً إرهابياً وإعادتهم إلى جادة الصواب عبر مركز متخصص للمناصحة وهو مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي يقدم أُنموذجاً عالمياً لتحقيق الأمن الفكري، المرتكز على وسطية الإسلام وتعزيز روح الانتماء الوطني.

وقد حققت هذه الاستراتجيات جميعا بتوفيق الله نجاحاً كبيراً دلت عليه جميع المؤشرات الإحصائية، حيث تشير الأرقام إلى انخفاض كبير في عدد العمليات الإرهابية التي تعرضت لأهداف ومنشآت حكومية أو مدنية، مقارنة بالبلدان الأخرى التي تتعرض لعمليات إرهابية كبيرة ولم تتمكن من مواجهتها رغم ما تتمتع به من إمكانيات تقنيـة وعملية متطورة .
ويبقى أن تتكاتف جهود مؤسسات المجتمع المدني للتصدي لهذه الأفكار من خلال جيل من العلماء والدعاة والمفكرين والتربويين قادرين على توضيح كل الشبه التي قد تخيم على عقول هؤلاء الشباب وعدم السماح لجهات خارجية أو منظمات إرهابية بلعب دور المربي لأبنائنا وشبابنا .