لم يخطر في بال أسرة الشهيد بإذن الله ” طاهر بن مسفر المالكي” أن يد الغدر الجبانة ستكون له بالمرصاد في مطار ” أتاتورك” في إسطنبول وأن أبناءه و زوجته سيفتقدون لرائحة والدهم ومعيلهم الوحيد . و يفتقدون كذلك إلى ابتسامة أخيهم الأكبر ” مسفر” من ذوى الاحتياجات الخاصة. بفعل عمل إجرامي حقير بعيد عن الدين والأعراف والقيم الإنسانية.
ولم يعلموا أن محطة مطار ” أتاتورك” سوف تكون آخر المحطات التي تجمعهم في هذه الدنيا . بل لم يخلد في ذاكرة أبنائه أن هذا الإرهاب الأعمى والحاقد الذي لا ينظر خلفه لعدد الثكلى و اليتامى والجرحى, ولن يحزن لطفل قتل والده بالخطأ وهو يحاول إسعاده وإسعاد أسرته وقضاء أحلى وأجمل الأوقات معهم في ربوع دولة إسلامية شقيقة بعد عام من العمل والعطاء .
ولن يفهم هذا الإرهاب الحاقد بكاء أم على أبنها الأكبر الذي طالما سهرت الأيام والليالي في خدمته وحرصت هذه الأم أن تقدم لطفلها كل ما يحتاج خاصة وأنه من ذوى الاحتياجات الخاصة ولم يدرك هذا الإرهاب اللعين شعور تلك الأم المكلومة حين تفقد طفلها بين الجموع، تلك اللحظات الأولى مابين لحظة الفقد واللحظة التي تتأكد فيها أنها لن تراه بعد الآن .
فالإرهاب لا يهمه أحد لأنه لا وطن له، فهو يسير حسب أجنده عصابات دولية فيقتل الأبرياء زعماً منه أنه جاء لينشر الدين ويطهر المجتمع من الفساد، ونسي قول الله عز وجل ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ الآية
لقد أصبحت المجتمعات الإنسانية كافة تعاني من مخاطر آفة هذا الإرهاب والتطرف بما يشكله من تهديد شرس ومستمر لاستقرار الشعوب في دول العالم وبما يحمله أفراده من أفكار فاسدة , شرّعوا لأنفسهم الحق بحرمان الأبرياء من الحياة تحت مبررات وذرائع لا وجود لها إلا في عقولهم الفاسدة , وأصبح الشيء الوحيد المقدس لديهم هو سفك الدماء بطرق بالغه في القسوة والبشاعة تنفر منها النفس البشرية السوية.

وقفات :
“طاهر” لقد ولدت وترعرت في أطهر بقعة على وجه الأرض” مكة المكرمة” كنت خير معلم ومربي ومرشد طلابي لأبنائك الطلاب الذين سوف يفتقدون إلى حنانك وتوجيهاتك النيرة لهم فنم قرير العين في جنة الخلد مع الذين مَنَّ الله عليهم من الصديقين والشهداء.

“مسفر” لقد اغتالوا براءتك فأي يد الغدر هذه التي لم تراعِ الله فيك ولا في الشهر المبارك ولا في العشر الأواخر وسفكت دمك الطاهر ومزقت جسدك النحيل سوف يأخذ الله حقك منهم ولو بعد حين