في أبشع فضيحة لحقت بـ البحرية الأمريكية وبالأمن القومي الأمريكي، أكدت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن المحققين الأمريكيين يقومون بالتحقيق مع العشرات من كبار ضباط البحرية، لتحديد ما إذا كانوا على علاقة بالفضيحة التي تورط فيها كبار ضباط الجيش، حيث كانوا يفشون الأسرار العسكرية، مقابل حصولهم على الأموال ووجبات الطعام الفاخر والعاهرات.

ويقوم المحققون من وزارة العدل ودائرة التحقيق البحرية الجنائية بالتحقيق مع المسؤولين الذين يشملون أدميرالات وضباطا كبارا على وشك الترقية، لأن يصبحوا أدميرالات، كجزء من تحقيق لمدة بضع سنوات في قضية المقاول الماليزي ليونارد غلين فرانسيس، والمعروف باسم “ليونارد البدين”، وهو الذي استخدم علاقاته بالبحرية الأمريكية لجني ملايين الدولارات، من الضباط العاملين بالخدمة.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، نشرت يوم الجمعة الماضي، تحقيقًا حول الفضيحة التي كشفت كيف كان المقاول الماليزي، والذي تم إلقاء القبض عليه في كاليفورنيا في العام 2013، يقوم بزرع كبار الضباط في الأسطول السابع الذي يعمل في المحيط الهادئ.

وبحسب الصحيفة، اعترف ليونارد بالتزوير في كاليفورينا، منذ عام مضى، كما اعتراف بتكليفه البحرية الأمريكية بخدمات بصفة دورية مثل التزود بالوقود في الموانئ، عبر آسيا، حيث ترتبط شركته، غلين للدفاع البحري في آسيا، بعقود عمل مع البحرية الأمريكية وغيرها من القوات البحرية الغربية.

ووفقًا لـ”واشنطن بوست”، أكد مسؤول عسكري أمريكي أن المحققين الجنائيين ينظرون في قضايا الضباط الذين خدموا في المحيط الهادئ خلال الأعوام التي حدثت بها الرشوة، لكشف ما إذا كانوا متورطين فيما عرف بأبشع فضيحة أمن قومي بالبحرية الأمريكية منذ عقود.

وكانت البحرية الأمريكية، عانت من فضيحة مدمرة عرفت باسم “تايهوك” في العام 1991، والتي تضمنت تحرشًا جنسيًا على نطاق واسع، لكن قضية “ليونارد البدين” تبدو أكثر خطورة، حيث تنطوي على إفشاء أسرار عسكرية إلى رجل يعمل في المنطقة، بينما تواجه الولايات المتحدة تحديًا متزايدًا من قبل الصين، ويخضع نحو 10 % من أصل 280 أدميرالا في البحرية الأمريكية للتحقيق.

وأكد مسؤول عسكري، أنه في الوقت الذي يقوم فيه المحققون، بالتحقيق مع عدد من كبار الضباط، يتم التحقيق مع بعضهم فقط لمجرد أدائهم الخدمة في المنطقة، خلال الوقت الذي تمت فيه واقعة الرشوة.

ووفقا للصحيفة الأمريكية، كان ليوناردو البدين، يحب التقاط الصور لنفسه مع كبار ضباط البحرية، لإبهار صغار الضباط أو إقناعهم بأنه يتمتع بالنفوذ؛ ما يعني أنهم لا يجب عليهم إثارة الشكوك حول أنشطته.

كما استخدم ليوناردو البدين، الإغواء الجنسي من قبل العاهرات على سبيل الرشوة، وفي إحدى المناسبات، قام بتسجيل شريط فيديو لضابط في البحرية، وهو يمارس الجنس مع عاهرتين فيتناميتين في فندق في سنغافورة، وفي مناسبات أخرى جلب العاهرات من الخدمات المرافقة، للترفيه عن الضباط في الحفلات بعد الأحداث الرسمية.

وكانت وزارة العدل، رفضت التعليق على التفاصيل، لكنها أشارت إلى أن التحقيق مع المتورطين في ذلك الفساد طويل المدى، ولا يزال يجري بسرعة من أجل الكشف عن مخالفات كبرى.

من جانبها، كشفت محكمة كاليفورينا يوم الجمعة الماضي، النقاب عن لائحة اتهام مايكل جورج بروكس، وهو ملحق سابق في البحرية الأمريكية في مانيلا، بتهمة التآمر من أجل الرشاوى، ومصادرة جنائية فيما يتعلق بهذه القضية.

وتم اتهام السيد بروكس، بإمداد شركة ليونارد البدين، بوثائق داخلية تابعة للبحرية، والحصول على تصريح رسمي دبلوماسي للشركة البحرية التابعة لشركة غلين، للدفاع البحري من أجل دخول الفلبين، وحتى السماح للمقاول بكتابة التقييم السنوي الخاص بها بنفسه.

ووفقًا للائحة الاتهام، فإن السيد بروكس متهم بتلقي الهدايا من غرف فندقية باهظة الثمن، ووجبات طعام وعاهرات، والتي أشار إليها في رسائل البريد الإلكتروني تحت شفرة “هزات” أو “هزات الشوكولاتة” على مدى عامين، بدءًا من العام 2006.

وكان السيد بروكس، يشير في رسائله الإلكترونية المتبادلة إلى ليوناردو البدين باسم “boss”، أو الرئيس، بينما حذر المقاول موظفيه، ليكونوا أكثر حذرًا في تعاملهم مع ضابط البحرية قائلًا: “نحن محاطون بالأفاعي”.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقريرها، أن الأدميرال جون ريتشاردسون، رئيس عمليات البحرية الأمريكية، أخبر مؤخرًا 200 أدميرال في واشنطن، أن هناك ما يقرب من 30 ضابطًا منهم قيد التحقيق.

وصرح مسؤول عسكري لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن الأدميرال ريتشاردسون قد عقد اجتماعًا روتينيًا آخر في الأسبوع الماضي، أي في الوقت الذي تمت مناقشة الفضيحة فيه مرة أخرى.

وقبل ذلك الاجتماع، أرسل الأدميرال ريتشاردسون مذكرة لكبار المسؤولين بالبحرية، من أجل أن يذكرهم بالحاجة لإعلاء قيم البحرية، والتي كانت تقليديًا واحدة من أصعب الخدمات من حيث الانضباط.

وأضاف في المذكرة التي اطلعت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عليها: “نحن نتشارك الالتزام المهني والأخلاقي من أجل فحص مستمر، لدوافعنا ولسلوكنا الشخصي، وعند الحاجة، إعادة تقويم سلوكنا بما يتماشى مع قيمنا”.

وقد اعترف أكثر من عشرة من الضباط والمتعاقدين الذين على علاقة بالقضية، بالتورط في الفضيحة التي هزّت البحرية، وقد أثر ذلك على سير العمل بالبحرية، إذ إن الضباط المشتبه بهم لا يمكن أن تتم ترقيتهم؛ ما يعقّد إدارة شؤون الموظفين.

كما كشفت ذات المحكمة في كاليفورنيا، النقاب في وقت لاحق عن لائحة اتهام ثانية يوم الجمعة، خاصة لقائد سابق في البحرية الأمريكية، يدعى بوبي بيتس، كان يدير القيادة اللوجستية في سنغافورة.

وقد اتهمته بإمداد ليونارد بنسخة من تقرير خدمة التحقيقات الجنائية البحرية، حول تحقيقها بجانب رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي توضح أن المسؤولين يعتزمون أن يسألوا الحكومة التايلاندية، إذا ما كان المقاول كبّد البحرية خدمات حماية تم تقديمها من قبل التايلانديين مجانًا.

وفي المقابل، تلقى السيد بيتس رشوة ترفيهية، تتضمن جلب العاهرات لتقديمهن الخدمات.

وكانت دعوى جنائية ثالثة، تم كشف النقاب عنها الجمعة، اتهم فيها الملازم جينرتي ديبورد، وهو ضابط لوجستي، بإعطاء ليونارد البدين الوثائق البحرية الداخلية، بما في ذلك تفاصيل التسعير لمنافسيه، ودفع الفواتير التي كان يعرف بتضخمها.

ووفقًا للدعوى، كان القائد ديبورد تتم دعوته هو وعائلته للإقامة في المنتجعات الفاخرة في تايلاند واندونيسيا والفلبين، بينما كان يتمتع هو بوقته مع العاهرات.

وفي رسائل البريد الإلكتروني المشفرة مع موظف تابع لليونارد البدين، طلب منه جلب العاهرات، ووصفهن بـ”الجبن” وبـ”الحرس الخاص”.

وقد أشارت إحدى رسائل البريد الإلكتروني، من قبل شركة غلين البحرية، إلى الضابط، بأنه “ديبورد مجنون الجنس”.

وقد اتهم ديبورد بالتآمر من أجل الحصول على الرشوة على مدى خمس سنوات، تنتهي في أوائل العام 2013.

لكن صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أكدت أنه لم يتسن لها الوصول إلى الضباط الثلاثة الذين جاء اسمهم في الدعاوى حديثًا، من أجل التعليق على الاتهامات المنسوبة إليهم، والتي يمكن أن يشككوا بها.