يعد جسر الملك سلمان الذي يربط بين البلدين الشقيقين (المملكة ومصر)الذي تم الاتفاق على تأسيسه مؤخراً إنجاز حضاري فريداً تشهده المنطقة خلال هذا القرن وحلقة وصل جديدة ووسيلة عصرية لحركة النقل والانتقال والتواصل ليس بين البلدين فقط وإنما بين قارات العالم الثلاث .

لقد وضع قادة البلدين في الاعتبار الطابع القومي كضرورة ملحة لإقامة هذا الجسر لتجسير وتجذير العلاقة بين البلدين وباقي دول الوطن العربي لتقف بثبات ضد التحديات التي يشهدها عالمنا العربي في ظل الظروف الدولية الراهنة. وتنامي ظاهرة الإرهاب ، وهيمنتها على أجزاء واسعة من الأرض العربية، وتهديدها المباشر للأمن القومي العربي.

وكما هو معروف أن العلاقات الاقتصادية والتجارية تعتبر جزءاً مهماً في العلاقات الدولية بين دول وشعوب العالم ووجود مثل هذا الجسر الحيوي بين البلدين سوف يعزز قوة هذه العلاقات ويجعل التعاون التجاري أقوى وسيجعل ما كان صعباً في السابق سهلاً، حيث ستزول كثير من العوائق الطبيعية التي كانت تعيق التبادل التجاري، وأقصد بذلك عملية النقل.

وأعتقد أنه في المرحلة القادمة سيشهد البلدان تطوراً كبيراً في عملية النشاط التجاري سواء في مجال تبادل المنتجات الصناعية والزراعية ذات المنشأ الوطني أو بالنسبة إلى زيادة حركة العبور بين البلدين وتيسير حركة مرور الأفراد، خاصة في مواسم الحج والعمرة، وحركة العمالة المصرية بدول الخليج، والسياحة، فضلاً عن اختصار الوقت والجهد والمسافة بين البلدين ودول شرق خليج العقبة ودول الخليج العربي وسوريا والعراق والأردن.

ووفقا لمحللين اقتصاديين، سينعش الجسر الحركة التجارية بين البلدين بشكل كبير جداً، ويصبح ممراً دولياً لدول الخليج العابرة إلى دول شمال أفريقيا، وهو ما يسهم في تحقيق تنمية شاملة لكل المنطقة ، كما سيعمل على إنعاش الحركة التجارية في ميناء ضباء، وزيادة الحركة السياحية لمنتجع شرم الشيخ الذي سوف يقبل عليه السياح الخليجيون بشكل اكبر. فقد قدّر خبراء اقتصاديون، إن الجسر سيدر أكثر من 200 مليار دولار سنوياً لصالح البلدين، من خلال تضخيم التبادل التجاري المشترك، والنشاط الاقتصادي بين دول أكبر قارتين من قارات العالم .

أخيراً وبعيداً عن الجانب الاقتصادي والتجاري الكبير لجسر الملك سلمان الذي سوف يجنيه أبناء المنطقة ككل . أقول لقد كانت نظرة الملك سلمان صائبة وبعيدة المدى عندما اعتبر مشروع إنشاء الجسر من المشاريع ذات الطابع القومي الاستراتيجي، فأهمية الجسر لا تكمن في دعم وزيادة الصلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين المملكة ومصر فحسب، فجوانبه غير الاقتصادية سيكون لها أثر كبير أيضا في تعزيز وحدة المصير المشترك بين الشعبين الشقيقين، كما أنه يؤكد على متانة العلاقة الأخوية والأزلية التي تربط الشعبين السعودي والمصري عبر تاريخ طويل.