يبدأ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، زيارة رسمية إلى فرنسا اليوم (الخميس) تلبية لدعوة من رئيسها فرانسوا هولاند.

وأوضح مصدر فرنسي رفيع أن «الأمير محمد بن نايف زار فرنسا في 2013 حين كان وزيراً للداخلية، فيما تعد الزيارة الحالية الأولى له بصفته ولياً للعهد»، إلى أن «دعوة الرئيس هولاند لولي العهد تشير إلى الأهمية البالغة التي توليها فرنسا للشراكة الاستراتيجية مع السعودية، في وقت أصبحت مكافحة الإرهاب أولوية لدى القيادة في البلدين»، مؤكداً أن «باريس تعتبر أنها حليفاً قريباً من السعودية، وبخاصة أن المملكة في المقابل تثق بشراكتها مع فرنسا».بحسب “الحياة”.

وعن الملفات التي يمكن طرحها خلال الزيارة، قال المصدر: «ستكون الزيارة فرصة مناسبة للقيادة الفرنسية للتشاور مع ولي العهد، في التطورات في المنطقة وسبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ومناقشة أولويات الاجتماع الثالث للجنة الثنائية المشتركة بين البلدين المقرر انعقاده في نيسان (أبريل) المقبل في باريس، برئاسة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، وهي اللجنة المشتركة التي تم تشكيلها خلال زيارة هولاند إلى المملكة في أيار (مايو) الماضي». ولفت المصدر إلى أن «وزيرة البيئة والشؤون الدولية للتغيير المناخي في فرنسا سيغولين رويال ستكون على رأس مستقبلي ولي العهد لدى وصوله إلى باريس قادماً من تونس ظهر اليوم»، مضيفاً: أن «ولي العهد سيلتقي مساء اليوم (الخميس) وزير الدفاع الفرنسي جان غيف لودريان، فيما يلتقي غداً (الجمعة) رئيس الحكومة مانييل فالز، يليه غداء يضم كبار المسؤولين عن الأمن، من بينهم رئيس الاستخبارات الخارجية السفير برنار باجولي، الذي عمل في سفارات عدة في العالم العربي منها دمشق، وبغداد، والجزائر، وعمّان، وفي الثالثة بعد الظهر يلتقي الرئيس هولاند في قصر الإيليزيه، ثم وزير الخارجية جان مارك إيرولت، وفي الخامسة بعد الظهر يلتقي وزير الداخلية برنار كازنوف، وصباح (الجمعة) سيكون هناك لقاء في الخارجية الفرنسية بين وزيري خارجية البلدين إيرولت وعادل الجبير.

إلى ذلك، وصف السفير الفرنسي لدى المملكة برانتون بوزانسون العلاقات بين البلدين بـ«القديمة والمتجذرة وتعود إلى أكثر من 175 عاماً»، مؤكداً أن «لقاء الملك فيصل، رحمه الله، والجنرال شارل ديغول عام 1967 عكست أهمية هذه العلاقات».

وأوضح بوزانسون أن «السعودية تلعب دوراً إقليمياً وعالمياً فاعلاً، وهي عضو في مجموعة الـ20 وتتمتع الآن بأكبر وأهم اقتصاد في المنطقة»، لافتاً إلى أن «زيارة ولي العهد إلى فرنسا، تؤكد أن العلاقات بين البلدين قائمة على الصداقة والرؤية المشتركة لتحقيق الاستقرار في المنطقة». وأضاف: أن «العلاقات السعودية – الفرنسية قديمة جداً، بدأت منذ افتتاح القنصلية الفرنسية في جدة 1839، ما يعكس الأهمية التي تكتسبها هذه المنطقة لفرنسا»، مشيراً إلى أن بلاده «كانت من بين الدول الأول التي اعترفت بالمملكة»، مشدداً على أن بلاده «لديها تفهم أفضل للمنطقة ومشكلاتها ولها سياسة مستقلة تأخذ في الاعتبار الرؤى العربية، وكانت دائماً صديقة للمنطقة وللسعودية».

وقال: «إن هذه الصداقة والعلاقة قائمة على رؤية مشتركة لاستتباب الاستقرار في المنطقة، واليوم أصبحنا نعيش في عالم متعدد الأقطاب، بحسب النظام العالمي الجديد، وعلى كل دولة أن تدافع عن مصالحها، وأن تلعب الدور الذي يجب أن تلعبه، وهكذا نفهم الشراكة الاستراتيجية القائمة بين السعودية وفرنسا».

واعتبر السفير الفرنسي السعودية «قائدة للمنطقة وتلعب أدواراً أكبر يوماً بعد يوم»، مؤكداً «إن كلا الدولتين اختارتا علاقات استراتيجية، ونعمل معاً على مختلف الأصعدة، ولدينا رؤى قريبة جداً تجاه ملفات المنطقة بخاصة ما يتعلق منها بإيران، وسورية، والعراق، واليمن، ولبنان، ووزيرا خارجيتينا يتحدثان مرتين أسبوعياً، وهو دليل على التشاور المستمر والعميق بيننا، والتأكد من التعاون يداً بيد لتحقيق أهدافنا المشتركة في استقرار المنطقة».

وبحسب بوزانسون، فإن بلاده حريصة خلال زيارة ولي العهد على تأكيد أهمية تطوير العلاقات بين البلدين على جميع المستويات، مردفاً: «لدينا علاقات ممتازة منذ وقت طويل في المجال الدفاعي والأمني، ونعمل على تطويرها لأن العالم أصبح غير آمن للأسف الشديد، لذلك لدينا كثير من التدريبات المشتركة ونقاشات مستمرة في هذا الجانب لتطويرها».

وفي الجانب الاقتصادي، كشف السفير الفرنسي عن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ حوالى 10 بلايين يورو سنوياً «وهو مؤشر على تطور العلاقات بحسب تعبيره».

وأضاف: «الآن نريد تطوير هذه العلاقة فالسعودية تعمل على تطوير اقتصادها من أجل تنويع مصادر الدخل، وذلك بالتعاون مع شركائها، وتعمل على توطين الصناعة والإنتاج لتوفير فرص عمل لشبابها وبناء الاقتصاد المعرفي ونقل التقنية، ولذلك نبذل جهوداً كبيرة لتحقيق هذه الأولويات السعودية في ما تسعى إليه، إذ يتماشى مع ما لدى فرنسا سواء في الطاقة، أم المواصلات، أم الصحة والأمن أم غيرها، ونحن نعمل في كل هذه النواحي، ونرى سنوياً زيادة أعداد الشركات الفرنسية التي تدخل السوق السعودية، وينضم إليها كثير من السعوديين وعدد من المتدربين السعوديين في فرنسا».

وأكد سعي فرنسا إلى زيادة أعداد الطلاب السعوديين فيها، مضيفاً: أنه «حالياً لدينا نحو ألف و500 طالب سعودي يدرسون في فرنسا، ونعمل على زيادتهم إلى خمسة آلاف طالب وطالبة، ونؤمن بأننا إذا ما أردنا التعاون على المدى الطويل فعلينا عمل ذلك مع الأجيال الشابة في بلدينا لأنهم المستقبل».

وأبرز السفير الجانب الثقافي الذي تركز عليه فرنسا وسبل التعاون مع السعودية في هذا المجال، وقال: إنه «كما تعلمون فرنسا معروفة دولة ثقافية، نحن نحب الثقافة ونقدر ثقافات الآخرين، لذلك فإنه ليس من المفاجئ أن السفارة الفرنسية في السعودية هي السفارة الأكثر نشاطاً ثقافياً، ولدينا تعاون قوي في مجال السياحة والآثار ونرى اهتمام رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بتطوير السياحة في المملكة»، مجدداً إيمانه بتعدد الفرص التي تمتلكها المملكة في هذا المجال.