في 30 أيلول من عام 1989 دعت السعودية كل الفصائل اللبنانية على أرضها لوقف نزف الحرب التي أكلت الأخضر واليابس واستمرت أكثر من 15 عاماً وحصدت أكثر من 200 ألف قتيل في نزاع شاركت فيه قوى وأطراف عدة وكان المتضرر الوحيد من هذه الحرب الأهلية المواطن اللبناني المغلوب على أمره لصراعات طائفية وسياسية وقتها دعا الملك فهد رحمه الله هذه الفصائل إلى تحكيم العقل والمنطق والبحث عن مصلحة لبنان أولاً هذه الدعوة التي استجابت لها القوى المتنازعة شاركت في ما يسمى اجتماع الطائف، حيث وضعت خريطة طريق لإعادة إعمار لبنان.

لم ينته دور السعودية إلى حد اجتماع الطائف بل دعمت هذه المصالحة الوطنية وكانت فاعلاً في استقرار لبنان وإعادته كبلد بكامل صحته سياسياً واقتصادياً في صفوف الجامعة العربية والمنصات الدولية وأسهمت بشكل مباشر في إعادة إعمار لبنان خاصة في حربها عام 2006 بعد أن تدمرت بشكل كبير وعجز اللبنانيون عن إعادة بنائها من جديد وفتحت خزائنها لدعم الوحدة اللبنانية وأسهمت في مشاريع تنموية كل هذا من أجل أن يعود لبنان لكل اللبنانيين وإيماناً من السعودية بمكانتها العربية والإسلامية أنفقت بسخاء من دون تحيز لأي طرف أو حزب.

طال عبث حزب الله في لبنان ورحل بالجغرافيا اللبنانية إلى خانات ضيقة جداً ومارس نسفاً لتاريخها كي يصبح مضموماً إلى تاريخ إيران هذا النسف والنزف ليكون لبنان المغلوب على أمره ولاية مطيعة ومنفذة لتوجيهات الفرس سعى الحزب إلى أن يكون دولة داخل دولة إرضاء لدولة لم تكتفِ بالتدخل في شأن بيروت فقط بل عرف عنها التدخل في شؤون دول عربية عدة وتقديم نفسها وصية على مجمل هذه الدول ولم تذهب الوصاية بواحدة من هذه الدول إلى بر الأمان بل جعلتها تعيش منذ مأساة التدخل والوصاية في حروب أهلية طاحنة وتصفيات مذهبية مقيتة وصراعات لم تبق ولا تذر بل مضت بها يوماً بعد يوم إلى حقيقة محرقة وأن السلام والتعايش لن يعودا إلى هذه المساحات العربية إلا متى ما آمنت بأنها الوحيدة القادرة على أن تقود شعوبها إلى الآمال والمستقبل الآمن السوي بعيداً عن الأيدي التي تدعي النظافة وهي أبعد البعد عنها.

لقد جاء قرار المملكة بوقف مساعداتها وتسليحها للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي ليكون بردا وسلاما على صدور الكثيرين وهي ترد على بعض تجنيات وجحود هذا الوطن المختطف والذي يرتهن في قراراته ومصائره إلى ميليشيا حزبية إرهابية فيما كل أطياف السياسة ورجالاتها اللبنانيين يعلمون حجم تورط هذا الحزب وأعوانه من العملاء في كثير من التفجيرات والاغتيالات وإشعال الحرائق والفتن داخل البلد وخارجها.

إن قرار المملكة ليس إلا رسالة إلى المواطنين اللبنانيين وإلى المخدرين منهم بأدخنة الخوف والرهبة ليطردوا عنهم هذه القتامة السوداء ويفتحوا أعينهم على مصلحة وطنهم البعيدة عن مشيئات الآخرين وأن يصبحوا هم سادة قرارهم.

رسالة المملكة إلى لبنان والى كل اللبنانيين مفادها أن يزيلوا الغمامة عن أعينهم ويبصروا طريق الكرامة أمامهم كي يعرفوا عدوهم من صديقهم وكي يتمكنوا بدعم المخلصين من استعادة وطنهم المختطف.