انقلبت كثير من المفاهيم الفاضلة والرائدة عند عددٍ غير قليل من مجتمعاتنا فأصبح التسامح ضعفاً ، والكرمُ تبذيراً ، والشجاعةُ بذاءةً ، والعطاءُ سذاجةً ، والتغاضي حماقةً، والصدقُ غباءً ، وقس على هذا الكثير .
يزعمون ذاك وكأنّ الفضائلَ ما يمارسونه من بذاءاتٍ وبخلٍ وكذبٍ وشًح وظلمٍ وتحقيرٍ وتمادي ، ناسين أن الفضائل لا تتبدل ولا تتغير مهما تبدلت أحوالهم ، وناسين أيضاً أن سوء أفعالهم لا يضر إلا أنفسهم ، ولا يعيب إلا ذواتهم ، ولا يلوث إلا أردانهم .
والمتأملُ في سُبُلِ الناجحين المتقين ، وخطواتِ المميزين يجد دماثةً رزينة وأحاديثاً ثمينة ، وطباعاً فطينة ، يجدهم متشبثين بالفضائل خُلقاً ودينا ، لا نفاقاً مُهيناً ،يراهم للخير أقرب ، وللضيف إكراماً وأرحب ، يتأمل فيهم ويرى عفواً عند قدرة ، وعطاءً لا يتغير طعمه بكدرة ، النجاح عندهم من سماته بذلُ الصلاح فهو والله الربحُ والفلاح.
جميلٌ أن نكون من الصنف الثاني لا الأول ، و أن يضل الجمال كما هو ولا يشوه ، وألا يتغير البياض لسواد ، حري بنا أن نعاملَ الناس بأخلاقنا لا أخلاقهم وبسماتنا لا سماتهم وبتربيتنا لا تربيتهم ، نعاملهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالمجادلة بالتي هي أحسن ، يكون خلقنا كرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قدوتنا وكان خلقة القرآن ، ويسبقُ الاقتداء به الإخلاص بالقول والعمل ، وعندها ستكون الفضائلُ كما هي ولن تشوه وستكون منابع أجور لا يغرف منها إلا من وفقه الله لها .
وهنا أقولُ شعراً لشابٍ كان ولا زال مثالاً للرقي وأنموذجاً للعطاء :
رأيتُ فتىً يحب الأكرمينا **** صدوقاً مؤمنا حراً أمينـــا
يعيبُ الناس إن كانوا جفاةً ****ويفرح أن يرى خلقاً رزينا
ويبعدُ نفسه عن كل خِبٍّ **** ويلزمُ نفسه في العلم ديـــنا
التعليقات
رائع
مقال جميل
احسنت ابو عمر
مقال رائع
اترك تعليقاً