الاعداد السابقة للصحيفة
الخميس25 ابريل

تخاريف أم قادمة من الريف ( تهذي ولا قروية ) !!

منذ 11 سنة
7
2585

كنت مع زوجي في طريقنا لمجمع تسوق فقال : سأعرج على المطار لأطبع البوردنج للسائق أبو أصيل الذي سيذهب لزيارة أهله في اليمن خلال إجازة نهاية الترم , فوافقت بما أني سأمر على الديار , فلم تطأ قدميَّ المطار منذ أكثر من خمسة عشر عاما فضلا عن غيره .

دخلنا و تراودني الذكريات و كل شيء يبدوا على حاله غير بعض المحلات الصغيرة للأطعمة و خلافه .

و ساقتنا الأقدام عبر السلالم المتحركة للطابق العلوي و جلست على احد المقاعد منتظرة زوجي ينهي ما قدم لأجله و اخذت اوزع انظاري هنا و هناك كمن اشتاق لرؤية شيء يرجوا أن يراه.

و عندها شاهدت زوجين يتحدثان و يده تلتف حولها و يميل حتى لا تبقى بينهما مسافة فذهلت و حمدت الله أني مرتدية لغطاء الوجه و إلا كانا سيريان تعبيراتي المندهشة و اتصور ردة فعلهما لو عرفا ما افكر فيه و التصق بمخيلتي تعليق توقعته منهما.. تخاريف أم قادمة من الريف ( تهذي ولا قروية ) !! .

و أخذت أضحك و أنا اتذكر مسلسل رمضاني للراحل بكر الشِدِّي يرحمه الله كان اسمه (عولمة ) قُدم في أواخر التسعينات و الذي قام فيه بدور رجل قادم من القرية مع اسرته و تعابير وجهه اللطيفة و مواقفه كلما شاهد شيء لم يعهده مما يخالف أصولنا الإسلامية مما قدم علينا إثر تحول العالم لقرية صغيرة و مقولته المحببة : ( يا ويلي ويلا ) .

فعلا يا ويلي ويلا من سرعة التحول في تفكير الجيل نفسه بمرور الوقت يا ويلي ويلا من تحول الثوابت و اعتبارها محل تطور .

منذ خمسة و عشرون عام عندما تزوجت شرع زوجي بتوجيهات لما يليق مما يظهر أمام الناس من تصرفات حتى داخل البيت لو كان معنا أحد , فهناك قواعد للتصرفات أمام الوالدين و في السيارة و اثناء السير …. الخ الخ , و التي تقوم على اساس الآداب وسد الذريعة .

و كان كلما التفت اليه في السيارة أو ضحكت أو تفاعلت مع الكلام ببعض الإشارات التعبيرية يطلق ذلك التعبير الضخم ( كيف لو ظن أحد أنا أخِلاء ؟ ) .

و حتى عندما عشنا خمس سنوات في المملكة المتحدة كان هو هو و لم يتغير بل و حتى بعد ذلك .

الصراحة كنت ولا زلت أرى أن ذلك كثير لأنه مع الوقت أصبحنا نرى الثنائي يسير و أيديهم بأيدي بعض و نراه و هو يحيطها بيده من خلفها حتى يضعها على كتفها بينما ما قمت به كان مجرد إدارة وجهي عليه في السيارة اثناء حديثنا .

و تذكرت موقفا مضحكاً فترة حرب الخليج كنا في الطريق للكورنيش في نزهة عائلية و الازدحام المروري شديد و إخوتي مع الوالدة في سيارة أخرى خلفنا و هم ( ما شاء الله ) ممن زادهم الله بسطة في

الجسم و الوالدة يحفظها الله كانت صغيرة في السن حينها و كانوا يجلسون بجانبها و يسألونها ماذا تريدين على العشاء ؟

فاستوقفهم شرطي مستنكرا جلوس سيدة ثلاثينية مع شبابٍ في المقعد الخلفي و حديثهم معها بوداد .

فقالت له أمي : إنهم أولادي .

فاستنكر كلامها و في تلك الأثناء انتبه زوجي لما يحدث فخرج من السيارة لينظر ما القصة .

فقال الشرطي عند رؤيته : و من هذا ؟

قالت أمي : زوج ابنتي .

فعَلَت كلمته المستنكرة : ( كمان !! ) .

و تذكرت المصطفى صلى الله عليه و سلم عندما جاءت أم المؤمنين صفية بنت حيي تزوره و هو معتكف و مشى معها لباب المسجد بعد أن تحدثت عنده ساعة فلقيهما رجلان فسلما فقال : (على رِسلِكما إنَّها صفيَّةُ بنتُ حييٍّ) و كبر عليهما قوله , فقال : (إنَّ الشَّيطانَ يجري منَ ابنِ آدمَ مجرى الدَّمِ وإنِّي خشيتُ أن يقذفَ في قلوبِكما شيئًا . ) رواه الألباني من صحيح ابن ماجة.

و فكرت مليا و خطر ببالي علم الجرح و التعديل عند المسلمين و الذي من خلاله يقَيمُون الرواة للأحاديث النبوية و هل تقبل منهم الرواية أم لا , و من ضمن المواصفات و المقاييس مقياس ( العدالة ) أي أن يكون الراوي عدل و العدل هو من كانت تصرفاته كما يقولون محترمة في المُجمَل .

مثلا لو كان الراوي ( أبو سروال و فلينة ) كما يقولون .. لقالوا في حقه ليس بعدل و بالتالي لا يُقبَل منه رواية .

و عندها توقفت و طرحت على نفسي سؤال هل نحن عدول أم أنني قروية تهذي ؟؟

بقلم : ميساء باشا

التعليقات

ج
جوري الشمآل عدد التعليقات : 443 منذ 11 سنة

رائعه ياأختي الفاضله ..
إلى الأمام ..

ا
النولي عدد التعليقات : 5 منذ 11 سنة

سبحان الله

هذا تصرف طبيعي جدااا ليثبت للناس انه رومنسي ومودرن

وقد تكوني قرويه اذا كان استغرابك اشد و زهولك عارم عند مشاهد الصراخ والمزاح العنيف وفك القمصان في مقاهي الاخدان المغلقه

نسال الله ان يجعلنا قروين ورجعين في هذا التقدم الزائف

م
معلق مثقف عدد التعليقات : 15 منذ 11 سنة

مقال جميل اختي ميساء اتحفينا بالمزيد

ا
ام البراء الخثعميه عدد التعليقات : 14 منذ 11 سنة

صحت يمينك اخت ميساء والى الامام

r
ranking111 عدد التعليقات : 4 منذ 11 سنة

مقال رااائع
يعطيك الف عافيه ام عبد الله

م
محسن عدد التعليقات : 3 منذ 11 سنة

لا لست قروية .. ولا تهذين … هكذا هو العصر تناقضات عجيبة جداً ففي البيت وفي حياتنا الخاصة أشياء تكاد تكون من الواجب الشرعي بينما هي في الواقع عادات وتقاليد تأصلت في نفوسنا ولم تذهب.. أختي أتصدقين بأنني أحيانا لا أستطيع أن أقبل أبنتي أو أضمها وهي تلعب في مكان عام أو مجمع وذلك بسبب نظرة الناس أو حقيقة ربما للتربية الخاصة التي نشأنا عليها في الصرامة والحزم وأن نكون جادين جداً مع الطرف الناعم سواء كان زوجه أو أم أو بنت ..واكاد أجزم ليس للقرية أو الهذيان علاقة بل العلاقة كل العلاقة ببشر هذه القرية …. مقال رائع أستفز روح الكتابة لدي للأمام أختي..

ت
تركيه علي عدد التعليقات : 3 منذ 11 سنة

مقال رائع في زمن غريب

اترك تعليقاً