الناي خجول في يديه يعزف أغنية الرماد واللغز شارخٌ في البعد يكسوه السواد وأطرافه مقوسة لم تُجاهر بما قد يعتريها من انتفاضة حزينه هي تعرف مسبقاً بأنها لاتُرضي الآفاق المُضيئة لجواهر ماقد يعتري تلك التي تنبض بفطرة سوية ولا تأبه إلا بها .

آلامٌ عدة توكأت على إبتسامته حتى غدت مُتشيخة المحاجر غازية له من حيث لايدري وربما هو يعلم بأن انحدارية جسده المُخشوشنة تأبه إلى درجة الخوف من تلك الدرر التي لايتمنى فقط أن يكون في عقدها وإنما بكل رضا غير مرئي يعشق أن يتلمس مايُخفيه ذلك الجيد من أُفقٍ طموح نحو ضمائر ماقد يرسمه ذلك الشفق من سمو ورفعة قد تتضاءل بشكل مرئي لتلك الجماجم التي تدك الأرض وتنظر فقط على ماحولها وفي نطاق أفقها العقيم أو ربما أرادت وبإرادة باردة أن تهمس إلى بعدها الأول من رؤية مايُحيط بها غير مُكترثة بالأبعاد الأخرى لذلك النور الطيفي المُعلق مابين قصر هامتها وعلو مكنونات مايحيط بها .

أحياناً يريد أن يُجلجل أمام إنهزامية نفسه بأعلى صوته وهو في غمرة إنتشاءته ليناظر تلك الألوان المُلونة الخافتة من الضوء والتي قد تصل إلى حد الخِلو المقفر على شفاه من يحيط به وقد تيبست منابع السعادة لديها فأضحت لاترى إلا الديجور من حولها فهل ياترى وهو في هذه النقطة من منابت الحقيقة ستتفجر إستكانته ويصحو من غفلته وينفض عن رغبة إنتحاره بدون تثاؤب ليرى ويعبر عن تكامل الأبعاد الخيِّرة والبعيدة عن إزدواجية النفس والهوى .

ولكن كيف يتسنى له ذلك وأحداقه لازالت مُنتفخه جاحظة تتفقد عمى ألوان أعينها وهي تنتطلق بتنهدات غير مستقرة في رحم ذلك اللحن الذي تناثرت لتوه نغماته وهي أسيرة في جوف أحلامه التي لم تكن في يوم من الأيام زخَّاتها وردية عاطرة بل كانت تعرف قسوة إنفعالاته ولم تعبأ بهما دنياه حتى عندما كان يسير بأقدامٍ حافية فكيف تطول الرحلة وقامت جسده قصيرة ؟.

فحينما تتفرغ إنسانيته من محور أخلاقياتها التي تغذي روح جسده تنطلق تاركة خلفها أو بالأحرى أمامها ذلك السمو الروحي غير عابيءٍ بذلك المحور الذي من المفترض أن يُشكل حجر الزاوية في صميم معتقده ومبادئه وقيمه فكيف لها أن تستقيم هذه الأطراف وهي متعرجة ولا تملك بسالة إتخاذ القرار المتوهج لإستدارة الشفق ! لا تملك في ظل الأوهام المتعددة أمَّا الحقيقة العاطشه فقد عبرت من فوق جلده الظاميء لتستقر على ورقةٍ ملونةٍ واهنةٍ عابرة من أوراق الخريف !!!.