هدهدته الليالي بلوعةٍ فأشرأب صبره بأعناق الفلا ماءٌ زلال يسيل في جوف المدى.

أُعجوبةٌ دنياه سيلها يسهب من أعلى الشفا ونارها مُتعبة بين أجفانه والدمع يعلوه اللظى .. هكذا كان رحيق جرحه عندما تفتَّح في مدار الفصول الأليمة فقد تراقصت الغيوم بكل تنهدٍ أمام عينيه حتى رأى سرب تلك العصافير تمتص حويصلة الأزهار في ذلك المكان الواسع الماطر فاللهاث الباذخ قد يُغري ماتبقى من رفاقه أما ذلك الشاهق فقد لملم ماتبقى من مهجته الإنسانيه العازمه وحزمها في تابوت جسده ورحل بها إلى حيث الهدوء والبرودة.

رحلة ربما أوهنته ولكنه ترغَّد بمافيها من عناء.

وهو في طريقه إلى حيث مايريد رآهم يقفزون هنا وهناك تماماً كما كان يدور في مخيلته من آمال رحبه إلى درجة قد تحجب عنها ضوء الشمس. لم يتعجب من ذلك فهو يعلم بأن بعض من في دنياه يتسوَّلون أحياناً عند تلك الشلالات التي يتدفق إليها الماء بغزارة ولكنهم ينبسون منها ويأخذهم التيار المضاد إلى حيث القطرات المُنسابه بتدبر داخل أودية الضياء المُشعة من جوف من يُشعل الليالي الداكنة ونترقبه بعشق عندما ينتصف الزمن ليمدنا بالمزيد من الوله والفتنه.

كان مبايناً عنهم فقرر بمحض إرادته أن يهرع إلى أحلامه التي تمس سراج مغنمه الفطري وليس أوهامه العنكبوتيه التي وجد نفسه فيها غاصاً إلى أخمص قدميه منذ نعومة أظفاره. تُرى كيف يرى التباين بين هذا وذاك ؟ أو هل تكون الرؤيه واضحه في ظل الإزدواجية الطبيعية التي قد تزرع هذا في جوف الأحداق المُتعظمة بالوهم الكبير أو ربما المُفترى عليها ؟

من الذي قاد رحلة الهزيمة بين خلجات عواطفه السَّوية ؟ هل يُعاود مرارة المراس وقدميه حافيه وبعض من حوله ذؤبان ضاريه ؟ هل يعود من حيث أتى ويتعلم بأن يكون واحداً منهم ؟ أسئلة كثيرة قد تكون قصيرة في محاور إستفهاماتها ولكنها تُرغمك وبجدارة على قراءتها بين تلك الأسطر التي تُشكل أبجدياتها علامات بارزة لأدوات تعجبها !!!

لازال مُتجهاً إلى حيث يرغب وكل تلك التساؤلات تمده بصداع نصفي يتمنى أن يكون آنيًا ويأمل في أن ينجلي بمجرد أن تلامس قدماه طقسها البارد أو تقع عيناه على أشواك قريته النابته للورد الأرجواني في زمن الجفاء.

تتأرجح حيثيات إجاباته على ستائر الإقناع كمن رآهم لتوه يقفزون هنا وهناك.

قد يكون وحيداً في رحلته وهو بالفعل كذلك ولكن ماقد يحمله معه من ثبات في الرؤيه وماقرره بإرادته مايجعل تلك الأوهام تذوب في الشق الغير مرئي من إرتحاله وهذا ليس مايحن إليه فقط ولكن مايؤكده لوعيه الجاسر على ضرورة تقبل البر المُعتق أما أولئك الذاهلون فإنهم قد يرتاحون قليلاً داخل سراديبهم التي تعمها الفوضى في كل منحى ولكن سرعان مايحزمون برفق مايسمى إنسانيتهم التي انتحرت آدميتها على قارعة الزمن الحاضر ويترقبون بشفقةٍ جزوعة ماسوف يحدث لهم في زمن الرثاء ذلك الزمن المحاط بالملح والطحالب والظل والقَتَام !!!