ذابت خطواته عند سفح حروفه وضاعت حيرته في أرجوحة الحنان المستتر وانسكب رحيق وحدته بين شوقٍ مبحوح وتيه لم يتوقف وهو بعد لم يصل إلى هدهدة مساءه في منفاه ذلك المنفى المحاط بالأشياء الصامته والأحلام المتأرجحه مابين تلك السنابل التي هبطت على وجنتيها أصداف الغبار وتلك القناديل المضاءة بأرق يحتضن تراتيل الوجع المزهر على الشفاه الظامئه المغتربة.

فقد توهج ليله في ذلك المنعطف ليتسع لمزيد من النبض الذي يرتفع شامخٌ كالريح بكل النواح ومتاعب الشوق الطويل .

لم يركض من قبل على صفحة ذاكرتها وأي أرض مرهقه تلك التي كانت ترزح تحتها .

تدفق ذلك النور برفق هادىء ليغمر ذلك الوجه الشفيف النازف بالجمال حسنٌ قد يغار من جماله .

نظرات ثاقبه حولت هدوءها إلى ظلال متحركه تسعى إلى لا شيء.

سكونها في تلك اللحظه كان قيثارة أمل بالنسبة له حيث كانت عيناها تدور بقربها وتناظر نقطة قد لاتوصف في تلك اللحظات بأنها راكدة ولكنه كان يأمل أن تكون كذلك لا لشيء وإنما لتعني له كل شيء .

هكذا أرادها أن تكون بينما هي دارت من أمامه لتكون كما أرادت هي أن تكون نجم سابح في محيطه تدور به أو ربما بقربه أنجم لا ترقى لأن تتلألأ في مساره ليس لأن أضوائها خافته بل لأن مافي داخل وجدانها أحاسيسه قد لامست الإنطفاء حتى غابت منذ أن صرخت تلك الإبتسامة التي حبت بها في هذا الزمن المر بماءٍ يائس ملىء بالعطش .

كانت تعرف ماذا كان ينتظرها حينما تغادر شرفة الظل المزروع في أعناق الفرح الماطر ولذلك كان كل شيء منتشياً حتى قاع أغواره بل ربما كانت في تلك اللحظات تغادر عبر شواطىء ذكرياتها لتجود عليها برقصة أمل وهذا ما أشعل مابداخلها لتسيطر على أجنحة الطل الفارح.

لم تعرف بأن تلك الأمنيات التي كانت تتأبطها ماثلة أمامها للعيان وكان هو يعرف بأن صمتها قد فرَّ من بين يديه ولم يعد صمتاً وإنما كان أحجاراً متناثرة من أبجدية النسيان.

حاول والسواد يتوشحه أن ينظر إليها مرة أخرى من خلال الضباب المولود بين أصبعيه حتى كادت نظراته أن تقفز من خلال ماكان يرتديه لا لشيء وإنما ليداعب الأمل أمله .ألوان مرحه كانت تعيش داخلها والنفس بريئة إلى درجة أن السحب لم تتوقف عند مدخل الجبل وبالرغم من ذلك فالأحلام كانت صيفية ورذاذ المطر كان يحلم بالهطول على أوردة ذلك المارد.

ترى هل يخرج من بوتقته ليصيح في وجه الذكرى ليسمو لديه مرة أخرى الأمل وكيف يسعى لذلك إذا كان الألم لم يُسعف نسيج جلده وهو يئن جاحظاً ببوادر الصدأ في الخطوات الثقيلة ولكن هل ذلك واقعاً أم سراباً رطباً قد عبر إلى جزيرة نائية مكتظه بأسماك وليدة لاتقوى على الفرح.

وبينما هو قد أطفأ ماكان يعبث به وامتدت لتوها بعضاً من أصابعه لتداعب بعضاً من شعيرات ماهو منثور بشكل عشوائي تحت أنفه خرجت لتجسد الحقيقه في مدار عينيه خرجت بكل رغبه لتهرب إليه.

لم تكن قد غادرت تلك اللحظه من الفرح بل كانت تعيشها بحقيقتها وبخيالها فقد كانت تعرف بأن ذلك الضوء من جسد الليل البعيد قد تسرب إليها من خلف مراكن الأطلال الناعسه بالخوف والقشعريرة.

لقد كانت تعيش أمامه ومن خلاله كل الفصول الأربعه فيما كان هو فقط يعيش في فصل الحقيقة فهل تكفي في زمن الفرح والزنابق السوداء في ذاكرته لازال يخطفها ذلك الوجه القديم !!!ذلك الوجه الذي يهنىء الفجر عند حفيف الزهر وعبير العشب وأفواف النسيم !!!