هو سلوك سيء يظهر على عيّنة محددة وقليلة من الناس، ولا أعلم هل هو عقدة نقص؟ أم هو فضول يصل إلى مرحلة الهوس بالكشف عن كل ما هو خلف الستار، مفتون ذلك(النّشبة) بمراقبة الناس وتتبع أخبارهم، ومعرفة خصوصياتهم بدقة، وأنسابهم وأقربائهم، ونقاط ضعفهم، لا تفوته مناسبة، ولا قهوة (صباحية أو عصرية)، ينتزع كل معلومة دقيقة من الضيوف دون خجل بطريقة تشبه الاستجواب، يتفحصهم من رؤوسهم حتى أخمس أقدامهم، ويبني على أشكال أقدامهم معرفة أخوالهم وأعمامهم.

يتدخل في قضايا الإصلاح ولديه قناعة تامة أن رأيه هو الأنسب والأقدر على رأب الصدع، لا تحدث(هوشة) إلا ويطّلعُ على كل تفاصيلها وأطرافها، (حشري) لا يمل من معرفة الخصوصيات، لديه فضول حاد ومزمن بمعرفة كل شيء، يبدي رأيه ونصيحته دون أن تطلب منه، كان الله في عون من يقابله للمرة الأولى سيسأله عن مقدار راتبه، ورتبته، وقطاع عمله، ومن هم أنسابه، ومن هم أخواله، وعن أعماله الخاصة الحُرّة، وسينتزع منه كل تفاصيل حياته الخاصة.

(النشبة) دائماً مشغل نفسه ويلهث خلف كل ما يشبع رغباته الفضولية التي لا تنتهي، لا تفوته النزهات البرية أو البحرية مهما اخفت المجموعة المتنزهة أمرها ومهما أحاطته بالسرية، فله نصيب منها رغم أنوفهم، ما إن يرى مجموعة منفردة لوحدها تتحادث فيما بينها فيبدأ بمراقبتهم من بعيد ويستقصي كل ما تؤولُ إليه تلك الجماعة، ما إن يرى عابر سبيل، أو أي أحدٍ قادم إلى حيهم أو منطقتهم إلا ويبدأ في مراقبته: تحركاته، ومن يستقبله، ومن هم الذين يستقبلونه بالتفصيل، ومن ثم يهجم عليهم ليحصل على تفاصيل اللقاءات وما تُفضي إليه.

البعض يعتبر سلوك (النشبة) عبارة عن مهارة اجتماعية عبرها يحقق اكبر جمع من المعلومات والأسرار التي تشبع رغبات المتطفلين، لا يغفلون، ولا يملّون، ولا يتعبون، ولا تلهيهم أشغالهم عن ممارسة هذا السلوك الاستفزازي، حمانا الله واياكم من بعض المواقف التي لا تدري هل تتجلد فيها بالصبر احتراماً للحاضرين، أم تثور في وجه النشبة وتأتي(بالغائبة).