60 يوما عصيبا ستعيشها طهران، ومعها مستثمرون أوروبيون وأمريكيون، وهي مهلة منحها الرئيس دونالد ترمب، للكونجرس الأمريكي، لدراسة الاتفاق النووي الذي أبرم بالعام 2015، ذلك الاتفاق الذي فتح آفاقاً بمشاريع كبرى كانت ستبدأ شيئا فشيئا في إخراج الاقتصاد الإيراني من عزلته الدولية، لكنه اليوم بات مهدد بالتعديل أو الإلغاء.
ومن دون رفع العقوبات الأمريكية، فإن اتفاق إيران مع بقية دول العالم، لن يمكنها من إبرام صفقات مزعومة بقيمة تقدر بنحو 57 مليار دولار.
وستظل العقوبات الأمريكية تشكل بلا منازع مصدر الخطر الأكبر على الأموال المستثمرة بالداخل الإيراني، إذ تضع العقوبات المحتمل تشديدها في أي لحظة، بنوك العالم، أمام خيارين، أحدهما يشبه الجنون، فإما الابتعاد عن إيران ومخاطرها المالية، وإما الاستثمار معها والتعرض لعقوبات دولية باهظة، لا سيما بعد تحول الخطاب الأميركي تجاه طهران، ورفع درجة التذمر الدولي من سياساتها الخارجية.
ووصف أحمد آل إبراهيم الباحث بالعلاقات الدولية، خطاب الرئيس ترامب حول العلاقة مع إيران، بأنه يعد نقطة تحول لتشديد الخناق على السلوك الإيراني التوسعي بالمنطقة، و ” سيجري التضييق عبر وزارة الخزانة الأميركية على الحرس الثوري الذي يعد ذراعاً استثمارية مهمة لطهران لتمويل تدخلاتها التي تقوض استقرار المنطقة ” .
واعتبر آل إبراهيم، أن ” إعطاء الكونغرس فرصة الـ 60 يوماً لإطلاق رصاصة الخروج الأميركي من الاتفاق ” ، سيشكل أكبر تهديد لهذا الاتفاق، ويعيد الثقة إلى مستويات متدنية بالتعامل مع طهران، مؤكدا أن ” خروج أميركا من الاتفاق سيجعله منتهياً ” .
كما أن هذه الحالة الضبابية حيال العلاقة بين أميركا وحلفائها مع طهران ستصعب من استعادتها الثقة الاقتصادية مع العالم، وبخاصة المستثمرين العالميين الذين يجدون أنفسهم غير مضطرين لتحمل أعباء إضافية لدخول السوق الإيراني، الذي يتسم بدرجة عالية من المخاطر الداخلية أساساً، نتيجة تراجع البنى التحتية، وزيادة نسبة المخاطر المالية، والنظام المصرفي المتهالك.
وكثفت إيران جهودها بعد الاتفاق النووي، على جذب الاستثمارات في قطاعات الطيران والنفط والغاز والسيارات، بجانب عجزها عن حل العقدة الأكبر التي تتمثل بالتعاون المالي والمصرفي مع العالم، وهي أبرز القطاعات التي تحتاجها طهران بعد سنوات طويلة من العقوبات التي جعلت منها واحدة من أكثر الدول الإقليمية انعزالا عن اقتصاد العالم، ومن أبرز الاتفاقيات الرئيسية المهددة بقوة خلال الأيام المقبلة:
– اتفاق مع إيرباص الأوروبية لشراء 114 طائرة بقيمة 10 مليارات دولار.
– خطط لـ 10 سنوات لشراء واستئجار 400 طائرة من بوينغ وإيرباص بنحو 40 مليار دولار.
– صفقة مع شركة السيارات الفرنسية رينو بقيمة 780 مليون دولار.
– اتفاق مع شركة توتال الفرنسية العملاقة للنفط بقيمة 4.8 مليار دولار.
– اتفاق مع شركة ” أر زي دي ” الروسية بقيمة 1.4 مليار دولار بقطاع السكك الحديد.
– اتفاقيات بقطاعات الكهرباء والطاقة النووية والسكك الحديد مع الصين لم تحدد قيمتها بشكل واضح.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعلن الجمعة الماضية، استراتيجيته الجديدة إزاء إيران، مؤكداً أنه لن يصدق على التزام طهران بالاتفاق النووي، وأن إدارته ستعمل مع الكونغرس لإجراء تعديلات على الاتفاق.