يشارك نحو 200 شخص في صناعة كسوة الكعبة المشرفة ، على مدى نحو تسعة أشهر في المصنع، وجميع القائمين على صناعة الكسوة من المواطنين، يعكف العاملين، على صناعة الكسوة الكعبة في منطقة أم الجود بمكة المكرمة الموشاة بآيات قرآنية مكتوبة بخيوط من الذهب والفضة، قبيل أيام من تزين الكعبة برداء جديد من الحرير مُبطن بالقطن، والذي يكون يوم عرفة من كل عام، والموافق الخميس المقبل في موسم الحج لهذا العام.

ويقضي أغلب العاملين في المصنع، أغلب حياتهم في صناعة الكسوة، والكثير منهم على وشك التقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة، ما دعا القائمين على المصنع للبحث عن حل لتعويض العمالة.

وقال محمد بن عبدالله باجودة المدير العام للمصنع إن العمل يجري على إعداد جيل جديد شاب من الصناع، مضيفا أن خطط تطوير المصنع تشمل تحديث جميع آلاته بحلول العام المقبل.

وأضاف: “المقام الكريم وجه بتحديث جميع ماكينات المصنع وباكورة الماكينات وصلت، وتوفير صف ثاني من الصناع ليحلوا محل الصناع الموجودين بعد بلوغهم (سن التقاعد)”.

وقال باجودة إن الكسوة الجديدة التي ستكتسي بها الكعبة يوم الخميس المقبل، وهو يوم عرفة، تكلفت ما بين 20 و25 مليون ريال، مشيرا إلي أن التكلفة تتغير من عام لآخر لأنها تخضع لأسعار العملات.

وردًا على سؤال حول حجم الإنفاق على الكسوة في وقت تسعى فيه المملكة لضغط النفقات قال باجودة ” هذا تعظيم لبيت الله وهي الكعبة أغلى من يستحق هذا التكريم، مضيفا: ” هي قبلة المسلمين وهي جديرة بالتبجيل والتقدير.. الكعبة المشرفة رفع قواعدها سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل وحظيت بكل الرعاية حتى هذا اليوم… هي جديرة بهذا التكريم وهذا التقدير ” .

وقال وليد الجهني الذي يعمل بالمصنع منذ 17 عاما وزميل له أكبر منه سنًا، إنهما كانا عاكفين على تطريز قطعة من حزام الكعبة بخيوط الفضة المذهبة. يبلغ طول القطعة 240 سنتيمترا وعرضها 95 سنتيمترا. وأضاف أن تطريز الآية القرآنية المطبوعة على هذه القطعة يستغرق منهما 60 يوما.

وأشار إلى أن الحزام المطرز يتكون من 16 قطعة ويحيط بالكعبة من الجهات الأربع. ويبلغ محيط الكعبة نحو 47 مترا. ويجري أيضا تطريز ستائر باب الكعبة.

وقال الجهني عن مشاركته في تصنيع كسوة للكعبة “الحمد لله.. احنا نشتغل نخدم الكعبة المشرفة وهذه نعمة كبيرة الحمد لله نشكر ربنا عليها. شعور طيب الحمد لله ” .

وأضاف: ” يعني لما نشتغل ونجيد في العمل نتفاءل بالخير أن المسلمين يعني يفرحوا بثوب جديد على الكعبة.. هذا أفضل شعور والحمد لله ” .

وتمر عملية صناعة الكسوة بعدة مراحل بدءا من الصباغة مرورا بالنسيج الآلي والنسيج اليدوي والطباعة والتطريز وحتى حياكتها وتجميعها، وتستهلك الكسوة نحو 670 كيلوجراما من الحرير الخام، ويجري استيراد الحرير من إيطاليا وخيوط الفضة المطلية بالذهب من ألمانيا.

وبعد انتهاء الحج تقطع الكسوة القديمة إلى قطع صغيرة وتوزع على شخصيات بارزة ومنظمات دينية تعتبر هذه القطع تراثا نفيسا.

ويعود تاريخ كسوة الكعبة إلى ما قبل الإسلام واستمر هذا التقليد على مدى الحقب الإسلامية المختلفة وحتى اليوم.

وكانت مصر ترسل الكسوة إلى مكة على مدى قرون باستثناء فترات زمنية بسيطة وتوقفت عن إرسال الكسوة نهائيا عام 1962. ومنذ ذلك الحين تصنع الكسوة في السعودية، وبني مصنع الكسوة الحالي في مكة عام 1977.