العدل!
خطب عمر بن الخطاب يوماً فقال: أيها الناس من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه. فقام رجل فقال: والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا. فقال عمر: الحمد لله الذي أوجد في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.
أراد أحد ملوك الروم أن يتعرف شخصية عمر العظيمة ويتبين العوامل التي جعلت حفنة من العرب تدوخ الممالك وتبسط سلطانها على الإمبراطوريات الضخمة العظيمة ، فبعث برسول فتلمس الرسول طريقه إلى عمر ، وإذ سأل الناس عنه أشاروا إلى رجل نائم إلى جانب جدار وهو يتوسد عصاه. فقال: عدلت فأمنت فنمت يا عمر.
ولما سير العرب جيوشهم على مصر وعلى رأسها عمرو بن العاص أرسل ملك مصر من يستطلع تلك الحملة. فما راعه إلا أن يرى عَمراً القائد للجيش يتبسط في تناول الطعام مع جنوده على الأرض. فلما ارتد الرسول فأعطى الملك تلك الصورة الرائعة قال: إن قوماً ذلك شأنهم ، وتلك حال كبارهم مع صغارهم ، محال أن تجد الهزيمة إلى صفوفهم سبيلاً.
يجترئ خصوم الإسلام على الدعوى بأن مجد الإسلام قام على السيف. وتلك دعوى باطلة تضافر العدل والحق على هدمها من أساسها.
وكيف يجوز في عقل عاقل أن حفنة من الرجال تقوى على هدم إمبراطوريتي الرومان والفرس إذا لم تكن عدتها إلا السيف؟
أين قوة العرب المادية من قوة الفرس والرومان؟ وأين مواردهم من مواردهم؟ وكيف استطاع المسلمون أن يفتحوا في ثمانين سنة ما فتحه الرومان في ثمانمائة؟ فامتد رواق الملك العربي من الأندلس إلى حدود الهند ، وخفقت راية الإسلام فوق تلك الربوع جميعاً؟
عندي أن المبادئ الحقة العادلة هي التي مهدت للمسلمين السبيل إلى بسط ملكهم في الأرض.