قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن ما قد يهدد نجاح رؤية المملكة ٢٠٣٠ خلل في التخطيط الأستراتيجي أونقص في الموارد المالية أو القوى البشرية.
والحقيقة أن من أبرز الأخطار التي تهدد نهوض أي أمة هو الفساد الإداري ، وأركز على خطر الواسطة بجميع أشكالها، سواء كانت بمقابل مادي او بمقابل تبادل المصالح أو المجاملة الاجتماعية أو حتى من باب المساعدة على حساب الآخرين ، فهي الأداة التي تهدم أي حضارة وتحطم كل طوح وتفسد أي تخطيط.
فكم من مواطن يئن صامتاً بسبب هذا الداء العضال ، ومن ذلك ما رأيته اليوم عند زيارتي المتكررة لمريضة في أحد المستشفيات الحكومية في مدينة جدة وعند تأملي في حال المرضى والمراجعين شاهدت أعين تدمع وسمعت أحرف تعتصر ألما !!
فهناك المريضة (ن) والتي تشكو من ورم خطير في المخ ورغم ذلك فهي تقبع الساعات الطوال والأيام والليالي تنتظر سريرا فارغا ولا يجد ذووها البسطاء إلا عبارة (لا يوجد سرير! انتظري).
بينما (ح) من المرضى ، تحظى بعناية فائقة وتناوب الأطباء والإستشاريين والممرضات وماهي إلا ساعات وتنقل لغرفة خاصة في نفس المستشفى الحكومي، ليس لأن حالتها أخطر ، بل لأنها تملك الداء القاتل للحضارة والتقدم.
وللأسف فإن جميع مؤسسات الدولة بما فيها المدارس والجامعات والدوائر الحكومية لا تكاد تخلو من هذا الداء القاتل لأي تقدم ولأي إحساس بالرضى والعدالة التي يطمح لها المستفيدين من المواطنين، وأكاد أجزم بأن نسبة كبيرة من المسؤولين والقادة يحملون جرثومة هذا المرض الخبيث بأي صورة كانت .
وسرد الأمثلة الواقعة كثيرة في أغلب المؤسسات الحكومية للأسف ، وعليه فإني أوصي المخططين وصناع القرار بأن يحددوا معايير رسمية وحازمة وملموسة لمحاربة (الواسطة) المنافية لتعاليم الدين ، المدمرة لأساسيات التقدم والنهضة الشاملة التي يطمح لها الوطن متمثلا في رؤية ٢٠٣٠.