تدهشنا الصدفة أحيانا بما تفعله بنا فقد تكشف لنا كم نحن مغيبين عن رؤية الواقع من حولنا كما ينبغي أن نراه، ورويدًا رويدًا تتكشف لنا الحقائق واحدة تلو الأخرى فنعض أنامل الندم على ما ظننا يوما أنه الصدق.
بعثرة أوراق حقيبة اليد الخاصة برجل كانت هي اللحظة الحاسمة في حياة مواطنة انقلبت رأسًا على عقب بعد هذه البعثرة التي لم تستمر سوى ثوانٍ معدودة، ولكن طل منها الماضي المخيف كروؤس الشياطين، فقد لمحت الزوجة ورقة غريبة بين أوراقه فتعالت ضربات قلبها وهي تقوم بفتحها فإذا بها ورقة «عقد قران» واسم الزوج واضح جلي فهو اسم زوجها، دارت الأرض بها دورات سريعة متلاحقة ولم تستطع قدماها أن تحملها فسقطت.
مر الزمن كالدهر حتى عاد زوحها من العمل، وكانت كأنها تراه لأول مرة في عمرها، لم تستطع عيناها أن تخفيا الحقيقة ونطقت بها قبل أن ينطق لسانها، فأنكر في البداية لكن تحت ضغط دموعها والدليل الدامغ لم ينكر وأسر لها بالحقيقية كاملة؛ علها تسامحه، لكن أبت ذلك واعتبرت أن عمرها ضاع مع زوج خائن.
الزوجة وهي تسكن في جنوب الطائف توجهت للمحكمة كي تعيد لها عمرها الضائع في الخداع والزيف وكشفت أمام المحكمة الخديعة التي تعرضت لها فقالت إن زوجها اعتاد على السفر طوال خمسة عشر عامًا لدواعي عمله في التجارة وفي الماضي كانت أغلب سفرياته إلى سوريا ثم انتقلت إلى دبي وكشفت لها ورقة عقد القران أن الزوجة سورية تعيش في دبي فقد حالت ظروف الحرب هناك من مقابلتها في سوريا فاستأجر لها شقة في دبي يقابلها فيها.
وأضافت وهي تغالب دموعها أن كثيرا من أهله وأهلها توسطوا للصلح خاصة أنه لم ينجب منها ولكنها كانت كالصخر الصلب رافضة كل هذه المحاولات لأنه لم يصن العشرة وخانها وأخفى خيانتها في بئر عميق طوال خمسة عشر عاما ولكن لأن الله غالب على أمره فأزاح الغمامة من على عينيها.