القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.

تقارب التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية عبر التاريخ أدى إلى الالتقاء في الرؤى إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية مثل الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وغزو العراق ومن هنا كان طبيعياً أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية.

الخلاف الوحيد في الرؤى داخل مجلس الأمن حول القضية السورية لكون القاهرة ترى دمشق عمقا إستراتيجيا والعقيدة العسكرية المصرية تعتبر أن القوات السورية الجيش الأول الميدانى، في المقابل ترى المملكة أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ذراعا عسكرية متقدمة لإيران في المنطقة ويمثل تهديدا وجوديا لها ولا حل سياسي إلا برحيله.

هذا الخلاف استغله الصغار هنا وهناك للوقيعة بين الكبار، معتقدين أن الخلاف في التوجه حول إحدى القضايا قد يسقط مظلة الأمة العربية المتجسدة في العلاقات الوثيقة والتاريخية التي تربط بين الشقيقتين المملكة ومصر، أو أنه قد يحول بين ليلة وضحاها الشقيق إلى عدو.. لكن هيهات فكما قال الملك المؤسس -غفر الله له-: «لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب».

فقد شهدت العلاقات المصرية السعودية مواقف كثيرة من سنين طويلة منها أن المملكة أيدت موقف مصر ومطالبها فى جلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين حيث رأس وفد المملكة فى وقتها المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز، وأثناء العدوان الثلاثى وقفت المملكة إلى جانب مصر بكل ثقلها فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية..

وفى عام 1956 قدمت المملكة 100 مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكى لبناء السد العالى.

واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر حيث ساهمت المملكة فى الكثير من النفقات التى تحملتها مصر قبل الحرب وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر، وأثبتت هذه الحرب حقيقة مهمة هى أن العلاقات بين هذين البلدين تمثل استراتيجية قوية تحقق الكثير من الأهداف والمصالح العربية العليا.

وقدمت المملكة لمصر منذ قيام ثورة 30 يونيو حزمة مساعدات مالية بلغت نحو 5 مليارات دولار، منها 2 مليار وديعة تم إيداعها فى البنك المركزى المصرى بلا فوائد، بالإضافة إلى مليارى دولار فى هيئة مساعدات غاز ومواد بترولية، ومليار دولار منحة لا ترد..

وسبق ذلك فى 22 مايو – 2011 تقديم حزمة مساعدات مالية تقدر بنحو 4 مليارات دولار تتضمن وديعة بمليار دولا للبنك المركزى وهذه الحزمة خصصتها الحكومة المصرية لدعم الاقتصاد المصري

وفي المقابل تعاني المملكة من مخطط فارسى من جار إيرانى، يخطط لابتلاع المنطقة دولة تلو الأخرى ويرى المملكة حجرة عثرة في طريقه، ويدرك جيدا أن ظهره الحامى مصر لن يسمح بتخطى الخطوط الحمراء، وابتعاد القاهرة عن حليفتها الإقليمية فرصة سانحة للانقضاض في ظل التزام أكبر جيش بالمنطقة بالحياد السلمي، والانسياق وراء المخطط الذي يعده الصغار بليل للتفريق بين قوتين إقليميتين كالرياض والقاهرة يجعل كل منهما فريسة سهلة الاصطياد دون الخوف من كبير ينتفض غضبا على الأذى الذي يطولها.. فهل نعي جميعًا أن العلاقات التاريخية ليست مجرد حبر على ورق أو كلام أجوف بل هي تعبر عن مصير مشترك يربط بين شعبين؛ قيادة وحكومة وشعبًا.