باتت العملات النقدية التالفة مصدر إزعاج لكثير من المواطنين فى اليمن، خاصة مع سيطرة ميشيليات الحوثى على المصرف المركزى فى العاصمة صنعاء، التى أعادت العملات التالفة للتداول فى أوقات سابقة، والذى كان يطبع سنويا وقبل اندلاع الحرب، أوراقاً نقدية جديدة بدلا من التالفة، ومن ثم يضخها في النظام المصرفي، لكنه لم يتمكن مؤخراً من الطباعة بسبب الاضطرابات والمعارك المسلحة، وهو الأمر الذى خلق فرص عمل لإصلاح التالف لإعادة تداوله من جديد فى الأسواق،

وحسب تقارير رسمية، يستقبل المصرف المركزي ما بين 50 إلى 70 مليون ريال “بين 230 ألف دولار و323 ألف دولار” من النقود التالفة بشكل يومي، وكانت آخر عملية إعدام للنقود عام 2013، حيث أعلن عن إعدام 18 مليار ريال من العملة التالفة.

ويعاني اليمن أزمة خانقة في السيولة المصرفية منذ نهاية يونيو الماضي، وانضمت إليها مشكلة النقود التالفة، مما أدى إلى تفاقم معاناة الناس المعيشية.

وفي مساعٍ لحل مشكلة النقود التالفة نجح بعض الشباب في الاستفادة منها عبر إصلاح الأوراق التالفة، وإعادة تدويرها في الأسواق، وكان من هؤلاء الشباب محمد القيصر، من مدينة تعز “جنوبي اليمن” الذي حوّل أزمة العملة التالفة إلى فرصة عمل، حيث افتتح ورشة لإصلاح الأوراق النقدية التالفة، ووجد إقبالا لم يكن يتوقعه.

وقال متعاملون مع القيصر”حسب تقارير صحفية”، إن عمله يزدهر ويشهد إقبالا كبيرا، حيث يعمل على إصلاح الأوراق التالفة بطريقة دقيقة، مستخدما الصمغ المخصص لتجليد الكتب، وذلك في مقابل أجر محدّد، وتفاعل مواطنون من محافظات يمنية مختلفة مع فكرة القيصر، وأبدوا رغبتهم في التعامل معه.

وقال الموظف، وليد السقاف، الذي يسكن في العاصمة صنعاء: “لدي أكثر من 50 ألف ريال تالفة “الدولار = 250 ريالاً”، وأعرف آخرين لديهم مبالغ كبيرة من النقود التالفة ونريد التعامل معه، ونتمنى أن يستحدث القيصر طريقة عمل تضمن استلام المبالغ من صنعاء وعدن وإعادتها بعد خصم أجرته”.

وأكدت الموظفة، صفاء أحمد، أنها استلمت ما يقرب من نصف راتبها من الأوراق النقدية التالفة، وأشارت إلى أنها تقوم بكيّ الأوراق بشكل خفيف، أو وضعها داخل الكتب، وتعالج الأوراق الممزقة بواسطة لاصق صغير.

وقالت الموظفة، انتصار خالد،: “لم أستطع صرف معظم راتبي في الأسواق لأن الأوراق النقدية تالفة، ولجأت إلى إصلاحها عبر لاصق”، وأكد موظفون على أنهم يقومون بغسل الأوراق المالية بالماء وبشكل خفيف ثم تجفيفها وكيّها.

وتتم عملية طباعة الأوراق النقدية اليمنية في روسيا، عن طريق شركات متخصصة، وكان ” محافظ المصرف المركزي في عدن، منصر صالح محمد القعيطي، قد قال: “لقد علمت الحكومة اليمنية من مصادرها الخاصة أن إدارة المصرف المركزي أجرت اتصالات مباشرة مع شركة “غوزناك” الروسية لطباعة وتوريد 400 مليار ريال يمني، وتم تبادل مسودة الاتفاقية بصيغتين إحداهما تحت توقيع المحافظ والأخرى تحت توقيع نائب المحافظ”.

وأشارالقعيطي، في مؤتمر صحفى، إلى أن وثائق التراسل بين المركزي في صنعاء وشركة غوزناك الروسية تشير إلى أن الترتيبات لذلك تمت في شهر مايو 2016.

وقال: “عندما علمت الحكومة بذلك شفويا من محافظ المركزي في 21 يونيو 2016، تواصلت مع شركة غوزناك وتمت المفاهمة معها والاتفاق على ضرورة الحصول على موافقة خطية مسبقة، صادرة عن الحكومة اليمنية ممثلة بوزير المالية بهذا الخصوص”.
وباتت الأوراق النقدية التالفة في الأسواق مصدر إزعاج للمتعاملين، حيث يرفض أصحاب محال المواد الغذائية وسائقو الباصات والمؤجرون استلامها، مما يخلق مشاكل كبيرة وبشكل يومي، كما تستهلك العملة التالفة جزءاً كبيراً من راتب الموظف، بسبب صعوبة تصريفها في التعاملات اليومية وصعوبة استبدالها.

وأوضحت الموظفة، نسمة الكميم، أن محال السوبر ماركت ترفض النقود التالفة وأنها تجد صعوبة في تصريفها، وانها تشعر بالظلم اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأن النقود التي سلمت لهم كرواتب تالفة، والمحل التجاري الذي تتعامل معه رفض قبولها حيث أعادت الكاشيير نصف النقود لأنها غير مقبولة”.

واستغلت محال الصرافة أزمة النقود التالفة لعرض قبول الأوراق التالفة مقابل مبلغ معين يتراوح بين صراف وآخر.

وقال الموظف، خالد جميل، ” صرفت 100 ألف ريال من الأوراق التالفة فئة 100 ريال عند أحد محال الصرافة مقابل خصم 5 آلاف ريال من إجمالي المبلغ”.
وأوضح أن مقابل صرف الأوراق التالفة يختلف من صراف إلى آخر، وأن الصرافين يقومون بصرف الأوراق التالفة بطريقة سرية وعبر أشخاص ثقة بالنسبة إليهم.

ودفعت أزمة السيولة المصرف المركزي، في الفترات الماضية، إلى إعادة قرابة 100 مليار ريال يمني من النقود التالفة للتداول في السوق معظمها من الأوراق النقدية فئة 100 ريال و250 ريالاً، بالإضافة إلى صرف الرواتب بنقود تالفة.

وأكدت مصادر حكومية يمنية، وفقا لتقارير صحفية”، أن أزمة السيولة النقدية التي يعانيها اليمن بفعل الحرب وتوقف الإيرادات، دفعت إلى عدم إعدام النقود التالفة، في ظل عدم القدرة على طباعة نقود جديدة في الوقت الحالي.

ومن جانبه، أوضح مدير مصرف الكريمي، علي الكريمي، أن معظم النقود في الأسواق فئات صغيرة ومعرضة للإتلاف، وقال الكريمي: نحن نقبل بالنقود التي تأتي إلينا كتحويلات، ولكن نقوم بعدّها وفحصها ونعيد النقود غير الصالحة لصاحبها لتبديلها.

وأضاف “لا نسلم التحويلات بالنقود التالفة، ونواجه صعوبات في النقود غير قابلة للفرز والعد بواسطة الآلات حيث نقوم بعملية فرزها يدويا، وخصصنا موظفين لهذا الغرض ولا يستطيعون عدها بشكل سلس ولا سريع بسبب قدمها وإهمالها، ونحاول ترتيبها لتكون لائقة للتداول ولا يرفضها العميل”.

وحسب مصرفيين، سيساهم المصرف المركزي الجديد في عدن، الذي تديره الحكومة الشرعية، في حل هذه الأزمة، حيث ينتظر أن يطبع نقوداً جديدة لحل مشكلة النقود التالفة.