لم أعلم شيئاً قط أجمل من الحج !
مزيج جمالي تعجز أكانين الفؤاد عن وصفه ..
قالب إيماني يجمع بين كل الأضداد والمتشابهات ،
بين كل ماهو متباعد ومتقارب وبين كل متنافر ومتجاور
اختلاف في الجنس والعرق واتفاق في الهدف والمصير .
تجد فيه السمو والرفعة والضعف والمسكنة ..
وتجد فيه الشدة والشقاء والطمأنينة والبهجة في آن واحد ..
هو خليط بين كل شيء ينتهي بلذة إيمانية لا مثيل لها .

عندما يأتي موسم الحج تتزين الأرض كلها من مشرقها لمغربها ؛ لتحتفل بزهوها وجمالها في بقعة صغيرة جدا ..
يتخيل لك أن العالم كله اخْتُصِر في هذه البقعة ..
ناطقة بلسان حالٍ أفصح من لسان المقال ، ومرددة : أنا الاختصار البليغ لكل تفاصيل الدنيا المقيتة ..
أنا الطهر والنقاء ..
أنا السؤدد ..
أنا السعادة الربانية ..

في يوم عرفة لا شيء تراه سوى البياض ، فكيف لا وهي البياض والصفاء بعينه ..
بياض القلوب والطباع ..
بياض الصحائف والأعمال ..
تجدهم جميعا التفوا حول جبل الرحمة لتتسرب رحمة ربهم إلى قلوبهم المرهفة وتمدها قوة وإيمانا .

في الجمرات حناجر ذاكرة وأياد مسالمة تتحرك في كل اتجاه محركة على إثرها جوارح مطمئنة تهتف دائما بعظمة الله وعزته التي تفوق كل تصور وإدراك ..

وطواف الوداع ماهو إلا وداع وقتي لجسد طاهر .. وبقاء دائم لمشاعر حانية تنفست السعادة الحقيقية وتلذذت حلاوة القرب من الله ..

الحج مشاعر إنسانية سامية وشعائر ربانية مقدسة تألقت جمالا وازدانت نورا وإبهارا.