أثارت محاولة تنظيم ” داعش” الإرهابي استهداف مطعم ومقهى السيف في تاروت العديد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع وراء مثل هذا التحول في اختيار الأهداف بالنسبة للتنظيم الإرهابي الذي دأب على تنفيذ جرائمه الإرهابية في المساجد والحسينيات الشيعية في المنطقة الشرقية؛ لكن اللجوء إلى اختيار أماكن جديدة مثل المطاعم والمقاهي يؤكد أن “التنظيم الإرهابي” قد أخذ على عاتقه تغيير استراتيجيته في اختيار الأهداف خاصة أن مثل هذه الأماكن لا يكون عليها تأمين بدرجة كبيرة مثل المساجد كما انها تحظى بتواجد شعبي كبير.

يمكن تفسير التحول في اختيار الأهداف بالنسبة لتنظيم “داعش” مع تغيير إستراتيجية الإرهابيين في العالم ومنطقة الشرق الأوسط والتي باتت تعتمد على ما يعرف بـ”الذئاب المنفردة” وهي مجموعات صغيرة تتكون من شخصين أو ثلاثة أشخاص يقومون بتنفيذ عملية ما دون مواجهة مباشرة مع قوات الأمن أو الجيش في البلد المستهدف، ودون ارتباط وثيق بالجهة المتطرفة التي تحركهم وفقا لأبعاد عقائدية واجتماعية وإنسانية.

وظاهرة “الذئاب المنفردة” تمثل بالنسبة للأجهزة الأمنية “الرعب الجديد”، ومنعها من ارتكاب “أعمال إرهابية” يمثل التحدي الأكبر للأجهزة الأمنية. وقد نجحت وزارة الداخلية في التصدي للمثل هذه العمليات وأحبطبت عدداً من المحاولات الإرهابية، ما يؤكد يقظة رجال الأمن بالمملكة وقدرتهم على التصدى للمحاولات التخريبية.

ويشير الخبراء إلى أن الأشخاص الذين يتصرّفون بطريقة فردية يمثلون خطرا أكبر من تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة والتنظيمات المتفرّعة عنه. وتوقعوا أن يصبح هذا “التكتيك” الجديد أكثر بروزا في الأشهر المقبلة.

ويبدو أن استهداف تنظيم داعش الإرهابي مطعم ومقهى السيف في تاروت اعتمد على نتائج مسح ميداني شامل، أجراه أفراد في التنظيم للعديد من المناطق، التي أرادوا أن تكون هدفًا لعملياتهم الإرهابية داخل السعودية.

ويندرج هذا الاستهداف في إطار توجُّه جديد للتنظيم الإرهابي باستحداث قائمة أهداف جديدة، لم تكن مدرجة في قائمته القديمة، التي تركزت في الأساس على مساجد وحسينيات الشيعة في القطيف والأحساء ونجران، وهي الأماكن التي ركزت الدوريات الأمنية وجودها أمامها في الآونة الأخيرة؛ لحماية مرتاديها من أي عمليات إرهابية محتملة.
وألقت السلطات الأمنية القبض على شخصَيْن في اليوم الثاني من ذي القعدة الحالي؛ كانا يخططان لتنفيذ عملية إرهابية في مقهى ومطعم السيف. وتمكنت نقطة تفتيش في مدينة الدمام من الإيقاع بالإرهابيَّيْن بعد الاشتباه في السيارة التي كانا يستقلانها؛ إذ حاولا المقاومة والفرار، إلا أن رجال الأمن تمكنوا من السيطرة عليهما بشكل كامل، وعُثر بحوزتهما على سلاح ناري وحزام ناسف مكوَّن من سبعة قوالب محشوة بمادة شديدة الانفجار، بلغ وزنها الإجمالي 7.3 كيلوجرام، وكانت في حالة تشريك كاملة.

ويكشف استهداف الدواعش المقهى يوم الثاني من ذي القعدة الحالي عن تغيير جذري في خطط وبرامج وآلية عمل هذا التنظيم، بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية اليوم. بيد أن السؤال الذي تكرر على لسان مواطنين عاديين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي هو: لماذا استهدف داعش مطعم ومقهى السيف دون غيره في المنطقة الشرقية.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، قد لفت إلى أن تنظيم داعش الإرهابي لجأ في الآونة الأخيرة إلى تغيير الأماكن والمواعيد في تنفيذ جرائمه، وأشار إلى أن عملياته الإرهابية في العام الماضي تركزت على مساجد بعينها وقت أداء صلاة الجمعة، وإلى أنهم (الدواعش) أطلقوا النار على المارة في محيط المسجد في حي الكوثر بسيهات، واستهدفوا المصلين في مسجد المشهد بنجران، وأيضًا استهدفوا مسجد الرضا في محافظة الأحساء، والمسجد النبوي الشريف، ومسجد وسط القطيف بالقرب من سوق مياس، إلا أنهم خابوا وحبطت أعمالهم بفضل من الله، ثم يقظة رجال الأمن وتعاون المواطنين.

وتابع “التركي” بأن “التنظيم الإرهابي يركز هذا العام على استغلال المقيمين بالسعودية، خاصة الذين أمضوا فترات طويلة؛ للمشاركة أو تنفيذ العمليات الإرهابية، كما استهدفوا أماكن جديدة، مثل المطاعم أو مواقف مستشفى الفقيه بجدة”.

وقال: “هناك مؤشر إلى فشلهم في تجنيد بعض السعوديين واستدراجهم لمناطق الصراع لتدريبهم وتهيئتهم لمثل هذا العمليات؛ وهذا إنما يعكس مستوى الوعي الذي وصل إليه المواطن السعودي، وإدراكه مخططات ومؤامرات هذا التنظيم ومَنْ يقف وراءه”.