أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ أن المؤمن موصوف بالطهارة والمشرك بالنجاسة ، لأن المؤمن يطهر بطاعته لله سبحانه وتعالى فكلما قرب إيمانه من الكمال طهر قلبه من الحسد والحقد وطهرت اعماله من الرياء والسمعة وطهرت جوارحه من الآثام والسيئات ، وأما المشرك فانه يتنجس بمعصيته لله سبحانه وتعالى وبعده واستكباره عن عبادته قال تعالى (( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) .

وقال الدكتور آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، إنه ومع عداوة المشركين لله سبحانه وتعالى فانهم يعادون المسلمين ويتواصلون منادين .. (( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون)) ، مشيرا إلى أن المسلم يكون طاهراً بطاعته لله سبحانه وتعالى ، فإن الوضوء طهارة للمسلم عند وقوفه أمام الله تعالى والصلاة طهارة للمسلم من الآثام والذنوب والزكاة طهارة للمال من الحرام .. قال تعالى (( خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها))، كذلك جميع أحكام الإسلام . فالأشياء المحترمة طاهرة والمسلم طاهر والجنة طاهرة قال تعالى (( خالدين فيها وأزواج مطهرة ))، كما أن بيوت الله طاهرة يقول الله سبحانه وتعالى ( (وعهدنا إلى إبراهيم واسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ))، وكتاب الله طاهر .. (( في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفره )) ، وقال تعالى : (( في كتاب مكنون لايمسه إلا المطهرون )) ، فجميع هذه الأمور طاهرة .

وأفاد أن تكليف لطيف وأمر خفيف جعله الله سبحانه وتعالى بين يدي الصلاة ألا وهو الوضوء ، والوضوء مأخوذ من النظافة فما أجمل أن يكون المسلم متوضئ ، فلذلك يقول الله سبحانه وتعالى في أوائل التنزيل :(( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر)) ، فما أجمل أحكام الوضوء وما أعظمها ، يقول الله سبحانه وتعالى :(( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) ، ويقول تعالى في آخر آيات الوضوء :(( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم)) ، فالوضوء في الإسلام منزلته عظيمة وجليلة فإن الوضوء علامة الإيمان ، يقول صلى الله عليه وسلم ://لايحافظ على الوضوء إلا مؤمن// ، ومنزلته عظيمة وهو نصف الدين ، يقول عليه الصلاة والسلام :// الوضوء شطر الايمان//، والوضوء ليس متعلق بالصلاة فحسب بل إنه عبادة مستقلة تنقي المسلم من الآثام والمعاصي وتطهر القلب وتطهر البدن فهي عبادة مستقلة.

وبين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن العديد من الأحاديث تبرز أهمية الوضوء وتبشر المحافظ عليه ، يقول عليه الصلاة والسلام :// إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرجت منه كل خطيئة نظرت إليها عيناه مع الماء أو مع آخر قطر الماء وإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، وإذا غسل رجليه خرجت منه كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء//.

ويقول عثمان رضي الله عنه :// ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه إلا خرجت خطاياه حتى من تحت اظفاره //، وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :// ما من امرئ مسلم تحضره الصلاة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأتي بكبيرة وذلك الدهر كله //، وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :// ألآ أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ، قالوا بلى يا رسول الله ، قال اسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط //.

وأضاف أن الوضوء علامة من علامات المؤمنين يوم القيامة يقول عليه الصلاة والسلام :// أنتم الغر المحجلين يوم القيامة من آثار الوضوء// ، ويقول صلى الله عليه وسلم :// أنتم تبعثون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء ، فمن أراد ان يطيل غرته فليفعل // ، ويقول عليه الصلاة والسلام :// تردون علي غراً محجلين من آثار الوضوء//، لافتا النظر إلى أن الوضوء سبب لنشاط الجسم وسبب لجريان الدم في الجسد ، كذلك سبب لمحبة الله سبحانه وتعالى .. ((ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) ، ويقول سبحانه :((فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، والله يحب المتطهرين)).

وأشار آل الشيخ إلى أن أعظم ما يشترط الوضوء للصلاة يقول عليه الصلاة والسلام ://لايقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ// ، ويقول عليه الصلاة والسلام :// لايقبل الله صلاة من غير طهور ولاصدقة من غلول//، والله سبحانه وتعالى قد بين لنا في كتابه فروض الوضوء وبين لنا صفته فيقول سبحانه :((يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق وامسحوا بوجوهكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فتطهروا)) .. فهذه الآية بين فيها الله سبحانه وتعالى فروض الوضوء وبين فيها أحكامه من مضمضىة واستنشاق وغسل للوجه واليدين وكذا غسل للرجلين .

وأكد أنه جاء في حديث حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثم تمضمض ثلاثا ثم استنشق ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى إلى المرفقين ثلاثا وغسل يده اليسرى مثل ذلك ثم مسحه رأسه ثم غسل رجله اليمني ثلاثا واليسرى مثل ذلك ، ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ مثل هذا ، وقال : من توضأ مثل وضوئي هذا وصلى ركعتين لايحدث بهما نفسه إلا أدخله الله سبحانه وتعالى من أبواب الجنة الثمانية//.

فعلى المسلم أن يحافظ على أحكام الوضوء وأن يراعي أحكام الوضوء من غير تساهل ولا إسراف، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً استعجل في وضوءه فقال :// ويل للاعقاب من النار .. أسبغوا الوضوء//.
وقال الدكتور عبدالله آل الشيخ : لقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فتوضأ مرة مرة ثم توضأ مرتين مرتين ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً فقال هذا وضوئي فمن زاد فقد تعدا وظلم ، فإن الزيادة عن الحد المشروع هي وسوسة يا عباد الله ، فعلى المسلم ان يحذر من ذلك ، ويقول الحسن البصري رحمه الله :// إن للوضوء شيطان يتضحك بالناس يقال له الوهلان// .. فعلى المسلم أن يتقي هذا الشيطان وأن يتقي الوسوسة ، وأن الخروج من الوسوسة هو بالتعوذ بالله منها ، وينضح فرجه بالماء حتى يعلم أن هذا من الماء لا من البول وحتى يبتعد عن الوسوسة فإن الوسوسة مرض نفسي قد يؤثر على المسلم وربما يؤخر الصلوات كل ذلك من أجل هذه الوسوسة وبسببها.

وأضاف : إذا ختم العبد المسلم وضوءه بالشهادتين كانت سبباً لدخوله الجنة ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : //كانت عندنا رعاية الإبل فلما كانت نوبتي جئت من العشي فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائماً يقول : من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى لله ركعتين دخل الجنة من أبوابها الثمانية ، فقلت ما أحسن هذا ، فاذا رجل يقول الذي قبله أحسن منه فإنني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأحسن الوضوء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ادخله الله الجنة //، وفي رواية ..//اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين//، فما أعظم أن يحرص المسلم على مثل هذا الأمر وأن يختم دائماً وضوءه بهذه الأذكار الطيبة العظيمة .. (( يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فتطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا // .

وتابع يقول إن الوضوء ليس للصلاة فحسب بل أن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم قد استحبه في بعض الأعمال فمنها عند النوم فجاء في الحديث :// إذا أويت إلى مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة //، وجاء في الحديث أيضاً :// إذا آوى أحدكم إلى فراشه فتوضأ وضوءه للصلاة اتى عند رأسه ملك فإذا استيقظ قال اللهم اغفر لعبدك فلاناً كما توضأ //، أيضاً يستحب كذلك عند الغضب فيقول عليه الصلاة والسلام :// إذا غضب أحدكم فليتوضأ //، حتى يطفئ غضب النفس وشدتها وثورتها وغور الغضب، وإذا اتى الانسان أهله وأراد أن يعود فإنه يتوضأ يقول صلى الله عليه وسلم :// إذا أتى أحدكم أهله و أراد أن يعود فليتوضأ وضوء للصلاة //، كذلك الوجوب إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل أن يغتسل فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً و أراد أن يأكل أو يشرب توضأ وضوءه للصلاة// .

وأفاد الدكتور آل الشيخ أن الله تعالى قد شرع لنا هذه الأحكام العظيمة من فروض الوضوء من غسل للوجه ومضمضمة واستنشاق وغسل لليدين ومسح للرأس وغسل للرجلين ، أن هذه الأحكام أحكام عظيمة يجب على المسلم أن يوليها كل اهتمام فإن لم يتسطع المسلم استخدام الماء أما لعدمه و أما لعدم قدرته عليه فإن الله سبحانه وتعالى من فضله ورحمته أن أباح لنا التيمم رحمة بهذه الأمة ورأفةً بها ، قال تعالى :(( ويضع عنهم أسرهم والأغلال التي كانت عليهم)) ، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة بهذه الامة فرفع عنهم هذه الآثار والأغلال.