الاعداد السابقة للصحيفة
الجمعة29 مارس

خطبة الجمعة من جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض

منذ 9 سنة
0
1713
خطبة الجمعة من جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض
الرياض

أوصى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين بتقوى الله ،

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، إن الوصية المبذولة الكبرى هي الوصية بالتقوى بها تغفر الذنوب ومعرفة الحق عند اختلاف الدروب، مستشهدا بقوله تعالى // يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاتة ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون// ، مبينا أن الله جل وعلا من كمال حكمته جعل الخلق متفاوتين في أرزاقة فمنهم الغني ومنهم الفقير، حكمة بالغة من الله جل وعلا حيث قال جل وعلا ( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ) وجعل حب المال غريزة في النفوس، قال الله تعالى ( وتحبون المال حباً جما ) .

وأضاف قائلا إن هذا الحب للمال قد تكون مشروعة وقد تكون مذمومة، فحكم المال المشروعة عندما ينفقه في الطرق المشروعة ويقدم فيه الزكاة ويساعد فيه المحتاجين، هذا نعم المال الصالح للرجل الصالح، وأخر جاءه المال فزاد طغياناً، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن المال أربعة : عبد رزقه الله مالاً وعلمًا فهو يتقي في ماله ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بِـأحسن المنازل عند الله , ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا فهو يقول لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان فهو بنيته وهما في الأجر سواء ,ورجل آتاه الله مالًا ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيرحمه ولا يعلم لله فيه حقًا فهذا بأسوا المنازل عند الله , ورجل لم يؤته الله مالًا ولا علماً فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته وهما في الوزر سواء .

وقال أيها المسلم أن هذا المال ابتلاء وامتحان، قال جل وعلا (إنما أموالكم وأولادكم فتنة )، فالمؤمن يتقي الله فيه ويجعله في طاعة الله ،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ، وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ).

وبين سماحته أن الله جل وعلا رزقنا بالمال فأتق الله في هذا المال واعلم أن هذا المال مؤتمن عليه ولا تغتر به، مثل ما قاله قارون قال إنما أوتيته على علم عندي، لافتا النظر إلى أن من رحمة الله أن جعل الزكاة وجعلها ركناً من أركان الإسلام، يقول الله جلا وعلى / وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ / ويقول صلى الله عليه وسلم / بني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام/ .

وأوضح أن الزكاة أدائها طاعة لله، فتعبدوا الله بهذه الزكاة، هذا المال تخرج منه الزكاة طاعة لله تعالى، يقول تعالى ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) .

وقال أيها المسلم أشكر الله أن تفضل عليك بهذا المال ويطلب منك أن تخرج منك حقه ومنها الزكاة، ثانياً هذه الزكاة جاءت لبناء المجتمع والخير، فالمؤمن يشد بعضة بعضا، غني يعطف على فقيرهم، مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) ، هذه الزكاة حق الله في مالك / وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم / / إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ/، فتلك هي تصريف الزكاة في الفقير والمسكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين عليها وفي سبيل الله وابن السبيل / فيجب أن يتقي الله في إنفاق الزكاة ولا يكتنزها يقول الله تعالى / والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم / .

وأوصى سماحته المسلمين إلى البحث عن الفقراء والمساكين الذين لا يجدون المال والطعام فأعطوهم زكواتكم وصدقاتكم، داعياً إلى شكر الله على أداء الزكاة فإن النفس لتتعلق بالمال فلا ينجو منه إلا من تعلق قلبه لله ، فلنتق الله في أنفسنا ونخرج زكوات أموالنا ونعطي المستحقين لها لعل الله يتقبلها منا.

ولفت النظر إلى أن الزكاة للفقراء المساكين المستحقين لها والمحتاجين لها، فمن كان غنيا فليؤديها، ويعطي الفقراء فإن المال مال الله يعطه من يشاء، فهو من رزقك هذا المال (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) مبينًا أن كل مال خصص للفقراء سواء كان زكاة أو صدقة وتبرعاً فلا يجوز للمسلم أن يأكله، فهو مال للفقراء والمستحقين، فأتق الله وأشكره على النعمة والعافية، ويجب عليه أن يوصل الصدقة إلى مستحقيها، فلا يأخذ منها بل يؤديها إلى المستحقين من الفقراء والمساكين، فيجب أن تؤدي الصدقة والزكاة إلى مستحقيها لأن هذه أموال رزقك الله إياها ، فأد حق الله بإعطائك الزكاة والصدقة للفقراء والمساكين، ولا ننسى إخواننا المستضعفين اللاجئين في الأردن والعراق وسوريا فهم مستحقون لها وكذلك اليمن، فلو هذه الأموال والزكوات جمعت وأعطيت لهم لكان خيراً كثيراً، إنها مسؤولية أعطاها الله لنا فيجب أن نتقي الله ونساعد إخواننا ونؤدي الصدقات تجاهم، إنَّ رجالًا يخوضون في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النار يوم القيامة، سالًا الله للجميع التوفيق والسداد والعمل على كل خير .

التعليقات

اترك تعليقاً