الاعداد السابقة للصحيفة
الخميس25 ابريل

رمضان الألم والأمل

منذ 9 سنة
1
1182

شهر التلاقي بين الأرض والسماء ، إطلالة النور ، ودرة الشهور أنفاسه عطر أطيب من المسك ، وكلماته آيات من الذكر الحكيم ونظراته عبر ودروس ، تهفو القلوب المؤمنة للقياه ، وتتسمر الأبصار بغية رؤياه ، نهر من الطهر السلسبيل ، وقراح رقراق مزج بالزنجبيل ،تلتئم فيه جروح الروح ، وتتسامى مع سموه الأجساد ترفض ما أثخنها من الآلام ، وتنشد غسل أدرانها وذهاب أوصابها ، عاشه المسلمون منذ فجر التوحيد قلائد من لؤلؤ وزمرد طرزوا بها جيد أرضهم وصدر عالمهم ، ورصعوا بدرر فتوحاتهم وإنجازاتهم صفحات تاريخهم المجيد ، فيه جندلوا رؤوس العتاة من قريش ، وصفدوا المردة من الروم وفارس وقهروا الطغاة من التتار وعبدة الصليب فلله دره من شهر يهل باليمن والبركات ، ويتغلل نور بدره بين أفنان دوح الدعوات ، هكذا عاشه سلفنا فاعلين وهكذا نعيشه رغم مانحن فيه آملين .

رمضان لم يتغير لازال هو نفسه الذي صامه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام –رضي الله عنهم – وتابعيهم إلى يوم الدين ، فما الذي تغير أيها الأحباب ؟

لقد تغيرت النفوس ، ولم نع الدروس ، تفرقنا ضاحكين وتشرذمنا غير آبهين ، أصبح الدين موسميا بالنسبة للكثير منا ، فنرى المساجد تعج في أول شهرنا المبارك بالمصلين ونرى البيت العتيق تضيق جنباته بالعابدين ، وشيئا فشيئا تتضعضع الهمم وتتراخى الذمم حتى نجد في نهاية الشهر الصف والصفين ، ونلمس انقلاب الضمائر في البيع والشراء ، والتقصير في إخراج الزكاة والصدقات ، وعليه فلا غرابة أن تلاحق أمتنا الهزائم وتتناوشنا الأفاعي وتتداعى على قصعتنا الذئاب .

أيها السادة : رمضان اليوم أصبح صورة مصغرة لأمة الإسلام منذ ولادتها ، فالبداية التزام ، والوسط تململ و الآخر انهزام ، ولهذا سنبقى نلطم الخدود ، ونجتر مآثر الجدود ، ونبكي ضياع الحدود ، حتى نعيد ريح وحدتنا، وننحر معاول هدم لحمتنا ، فنحن أمة رمضان من أركان دينها ، ومن أسباب تمكينها وحتى يعود المجد التليد سأحيا وأنت مثلي كل رمضان قادم روح أمل يلوح من الغرب ويذوب في الشرق علنا نجده يوما ما كما وعدنا الله جل وعلا ونحن الأعلى ، اللهم أعد الشهر علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة وقد طابت نفوسنا وقرت أعيننا بنصر يمدد فيه ديننا الحنيف رجليه على مشارق الأرض ومغاربها ، وتنعم فيه بلادنا الحبيبة وسائر أوطان المسلمين بالأمن والأمان

التعليقات

ت
تبوكي الهوى عدد التعليقات : 8 منذ 9 سنة

لن تموت أمة فيها أمثالك ,

اترك تعليقاً