الاعداد السابقة للصحيفة
الجمعة19 ابريل

حتى المكنسة الكهربائية ؟ !

منذ 10 سنة
8
1811

في هذا المحل المكتظ بالمجلات البهية المترفة بالألوان.. وقفت على هذه المجلة بالذات، لأنها تحمل عنواناً لموضوعٍ من أهم المواضيع التي تشدني.. ولو أنكم رأيتم الطريقة المتقنة التي تألق بها العنوان على واجهة المجلة لعرفتم لماذا اندفعت في شرائها بكل حماس وبدون تفكير.. تماما كالماء المتواطئة قطراتُه مع الشيطان،تكاثفت في كوب الماء لتغري الصائم العطشان!!

انطلقتُ مبتهجة مستبشرة.. ولما استويت على الكنبة الوثيرة ـ والتي طالما شاطرتني الكتب والمجلات ـ منها القيم ومنها دون ذلك ـ أمسكت بالمجلة وبدأت أتصفح بنهم، وأستنفر صفحاتها استنفارا، كمن يبحث عن ضائعة، وسمع صوتها بعد زمن من الضياع.. ما حدث أني عبثا بعثرت المجلة ورقة ورقة ولم أجد موضوعي الذي اشتريتها لأجله!!!

أي إحباط..! ؟

أجيد القراءة ..!! ولا أعاني ضعفاً في بصري !! وأعدت التصفح مرة تلو الأخرى!! ولم أجده!! تُرى أين الموضوع الذي تلألأ عنوانه على واجهتها؟؟

يالها من مجلة كاذبة منافقة (تظهر مالا تخفي) .. مجلة جوفاء أبدع فيها مصمم الغلاف ومحترف الإعلان ليخرجوها بهذا البريق المزيف.. تباً لها كيف أضاعت لي وقتي وسرقت مني اهتماماً لم تكن أهلاً له..مع ذلك لا تشفقون علي بل اشفقوا عليها، فقد نالت مني ما تستحقه وأكثر.. مزقت غلافها كل ممزق.. ثم رميتها بكل قوة على عرض الحائط حتى تبعثرت أوراقها اللئيمة تماما كما قد تبعثرت عقارب وقتي معها..!!

في الواقع .. “المجلة المنافقة” تتكررعلينا بطرائق مختلفة في حياتنا فكثيرا من الأشياء تظهر عكس ما تخفي..

قائمة الأطباق في المطاعم الفخمة (منافقة).. الصورة فيها مكبرة ومضاعفة يسيل لها لعابك..ثم تُصدم بطبق صغير لا يسمن ولا يغني من جوع!!

والزعفران منافق.. يندس في عبوة كبيرة شفافة أبعادها تتفنن في الخداع البصري لتوهمك أن كتلة كبيرة من الزعفران بانتظارك .. لتفاجئ بحفنة شعيرات لا تكاد تبين!!

والشوكولاتة منافقة.. ترتص برشاقة فوق بعضها على طبق من أحلام.. ثم تكتشف أنها طبقة واحدة ملتصقة على كتلة مكورة من الكرتون!!

وزجاجة العطر منافقة .. تتباهى أمامك في قنينة ضخمة ..ومحتواها من العطر لايذكر!!

والهدايا منافقة.. تلتف في الكثير من اللفائف المبهرجة البراقة وهي لا تتجاوز قدر أُنملة !!

حتى المكنسة الكهربائية منافقة.. تأتيك في صندوق عملاق مليئ بـ (الفلين) وهي بحجم ترمس الشاي!!

وكذلك البشر..

الكثير منهم يبدون عكس ما يخفون!!

التعليقات

ح
حسن حكمي عدد التعليقات : 4 منذ 10 سنة

ولا جديد في ذلك
غير أننا فتحنا فصل من فصول ابداعك استاذة مريم

ع
عمر سالم عدد التعليقات : 1 منذ 10 سنة

دائما ما ينغر الانسان بالمظهر ولا ينظر للجوهر والحقيقة معظم الناس تخفي ما اخلها ويحاولون ان يتجملوا وان يظهروا وان يتحدثوا بما هو غير موجود فيهم من صفات
المظهر يخدع والجوهر هو الاصل فلاتتغتروا بظاهر الاشياء وابحثوا عن جوهرها
ولا تغتروا بمظهر انسان او معسول كلامة وابحثوا في جوهره وحقيقته حتي لا يصدم الانسان فيمن اعتقد انهم اورأههم في مثل اعلي في كل شي فعندما تسفط الاقنعة يظهر الوجة الاخر والقبيح لمن خدعت فيهم
تحياتي للاخت مريم فموضوعك معبر عن حال ناس كثيرة في زماننا
كفانا الله شر المنافقين والمنافقات
تحياتي لكم

ع
عبدالله الشهري عدد التعليقات : 59 منذ 10 سنة

اشكرك مريم ابداع

د
د/ احمد حسام انور عدد التعليقات : 3 منذ 10 سنة

عفوا مريم

د
د/ احمد حسام انور عدد التعليقات : 3 منذ 10 سنة

موضوعاتك راقية ورائعة وجذابة ….وكما انتي في كتاباتك دائما تبدأي الفكرة من بعيد وتقربيها شيئا ف شيئ الي ان تصلي لقلب الهدف ….واشارك الراي تماما هناك من البشر هكذا….مبدعة دائما مرام

ت
تركي عدد التعليقات : 2 منذ 10 سنة

ماشاء الله مبدعه كالعاده

س
سمو الذات عدد التعليقات : 3 منذ 10 سنة

المقال رائع في عمومه طغى عليه أسلوب التشويق حيث ان التمهيد بـ تشبيهات رمزية كانت طاغية على الفكرة التي أختصرت في الفقرة الاخيرة من النص !
اعتقد انه كان يمكن الاكتفاء ببعضها والتعمق اكثر في مضمون الفكرة …
أستاذة مريم أشكرك على طرحك الرائع مع امتناني لسعة صدرك وتقبل رأيي المتواضع
.

ا
الليث عدد التعليقات : 4 منذ 10 سنة

احترت كثيرا في مغزى نصك حتى وصلت للعبارة الاخيرة وفهمت المقصود
بالتأكيد اننا لا نعلم خوافي الناس والله يعلم السر وما اخفى وكما ذكرتي اخت مريم كثير من الناس يتعاملون بنفاق لو نقارن ما يحملون مع ما يقدمون تجده العكس ..
طريقتك غريبة ومبتكرة لكن وصفك جميل استاذة

اترك تعليقاً